التفسير الميسر لمجموعة من العلماء

التفسير الميسر القرن الخامس عشر الهجري
Add Enterpreta Add Translation

page 1

بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ١

الاستعاذة

( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم )

شرع الله تعالى لكل قارئ للقرآن العظيم ، أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ، قال سبحانه : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } . ذلك لأن القرآن الكريم هداية للناس وشفاء لما في الصدور ، والشيطان سبب الشرور والضلالات ، فأمر الله سبحانه كل قارئ للقرآن أن يتحصن به سبحانه من الشيطان الرجيم ، ووساوسه ، وحزبه .

وأجمع العلماء على أن الاستعاذة ليست من القرآن الكريم ؛ ولهذا لم تكتب في المصاحف . ومعنى : " أعوذ بالله " أستجير ، وألتجئ ، وأعتصم ، وأتحصن بالله وحده " من الشيطان " أي من كل عات متمرد من الجن والإنس ، يصرفني عن طاعة ربي ، وتلاوة كتابه " الرجيم " أي المطرود من الخير كله .

سورة الفاتحة سميت هذه السورة بالفاتحة ؛ لأنه يفتتح بها القرآن العظيم ، وتسمى المثاني ؛ لأنها تقرأ في كل ركعة ، ولها أسماء أخر .

{ بسم الله الرحمن الرحيم }

أبدأ باسم الله استعانة على الأداء والتوفيق وطلبا للقبول ، ( الله ) علم على الرب -تبارك وتعالى- المعبود بحق دون سواه ، وهو أخص أسماء الله تعالى ، ولا يسمى به غيره سبحانه . ( الرَّحْمَنِ ) الذي وسعت رحمته جميع الخلق ، ( الرَّحِيمِ ) بالمؤمنين ، وهما اسمان من أسمائه تعالى .

ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ٢

{ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ } ثناء أثنى الله به على نفسه ، وفي ضمنه أَمْرٌ لعباده ، فهو المستحق له وحده ، وهو سبحانه المنشئ للخلق ، القائم بأمورهم ، المربي لجميع خلقه بنعمه ولأوليائه بالإيمان والعمل الصالح .

ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ٣

{ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ }

( الرَّحْمَنِ ) الذي وسعت رحمته جميع الخلق ، ( الرَّحِيمِ ) ، بالمؤمنين ، وهما اسمان من أسماء الله تعالى .

مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ٤

{ مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ }

وهو سبحانه وحده مالك يوم القيامة ، وهو يوم الجزاء على الأعمال ، وتخصيص الملك بيوم الدين ؛ لأنه لا يدعي أحد شيئا يوم القيامة ، ولا تتكلم نفس إلا بإذنه . وفي قراءة المسلم لهذه الآية في كل ركعة من صلواته تذكير له باليوم الآخر ، وحثٌّ له على الاستعداد بالعمل الصالح ، والكف عن المعاصي والسيئات .

إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ٥

{ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ }

إنا نخصك وحدك بالطاعة والعبادة ، ونستعين بك وحدك في جميع أمورنا ، فالأمر كله بيدك ، لا يملك منه أحد مثقال ذرة . وفي هذه الآية دليل على أن العبد لا يجوز له أن يصرف شيئًا من أنواع العبادة إلا لله وحده ، وفيها شفاء القلوب من داء التعلق بغير الله ، ومن أمراض الرياء والعجب ، والكبرياء .

ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ٦

{ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ }

دُلَّنا ، وأرشدنا ، ووفقنا إلى الطريق المستقيم ، وثبتنا عليه حتى نلقاك ، وهو الإسلام ، الذي هو الطريق الواضح الموصل إلى رضوان الله وإلى جنته ، الذي دلّ عليه خاتم رسله وأنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم ، فلا سبيل إلى سعادة العبد إلا بالاستقامة عليه .

صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ٧

{ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ }

طريق الذين أنعمت عليهم من النبيين والصدِّيقين والشهداء والصالحين ، فهم أهل الهداية والاستقامة ، ولا تجعلنا ممن سلك طريق المغضوب عليهم ، الذين عرفوا الحق ولم يعملوا به ، وهم اليهود ، ومن كان على شاكلتهم ، والضالين ، وهم الذين لم يهتدوا ، فضلوا الطريق ، وهم النصارى ، ومن اتبع سنتهم . وفي هذا الدعاء شفاء لقلب المسلم من مرض الجحود والجهل والضلال ، ودلالة على أن أعظم نعمة على الإطلاق هي نعمة الإسلام ، فمن كان أعرف للحق وأتبع له ، كان أولى بالصراط المستقيم ، ولا ريب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أولى الناس بذلك بعد الأنبياء عليهم السلام ، فدلت الآية على فضلهم ، وعظيم منزلتهم ، رضي الله عنهم .

ويستحب للقارئ أن يقول في الصلاة بعد قراءة الفاتحة : ( آمين ) ، ومعناها : اللهم استجب ، وليست آية من سورة الفاتحة باتفاق العلماء ؛ ولهذا أجمعوا على عدم كتابتها في المصاحف .