ثم قال : { وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله } الآية[67168] [ 10 ] .
أي : أي عذر[67169] لكم في ترك الإنفاق في سبيل الله وأنتم خلف الموت فتخلفون ما تبخلون[67170] به ويورث بعدكم ، ثم يخلفه من ورثه عنكم فيعود الميراث إلى الله عز وجل[67171] .
وحضهم على الإنفاق في سبيل الله ليكون ذلك ذخرا لهم عنده من قبل أن يموتوا فلا يقدرون[67172] ، وتصير الأموال ميراثا لمن له ميراث السماوات والأرض وهو الله جل ذكره[67173] .
ثم قال : { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل } .
أي من قبل فتح مكة ، وهاجر وقاتل في سبيل الله عز وجل[67174] قاله مجاهد وقتادة ، أي : لا يستوي في الأجر والفضل من هاجر قبل الفتح وأنفق وقاتل مع من هاجر من بعد ذلك وقاتل وأنفق[67175] .
قال قتادة : كان قتالان أحدهما أفضل من الآخر ، وكانت نفقتان إحداهما[67176] أفضل من الأخرى ، كانت النفقة والقتال من قبل فتح مكة أفضل منهما بعد الفتح ، وكذلك قال زيد بن أسلم[67177] .
وقال الشعبي الفتح هنا فتح الحديبية ، فالذين أنفقوا وقاتلوا قبل فتح الحديبية أعظم درجة من الذين أنفقوا وقاتلوا بعد ذلك[67178] .
وهذا القول اختاره بعض العلماء ، لأن الخدري روى النبي صلى الله عليه وسلم[67179] قال : يوم فتح الحديبية يأتي أقوام[67180] يحقرون[67181] أعمالكم مع أعمالهم قالوا يا رسول الله أمن قريش هم ؟ قال لا ، هم أهل اليمن أرق أفئدة[67182] وألين قلوبا ، قلنا يا رسول الله أهم خير منا . قال[67183] لو أن لأحدهم جبل/ ذهبا[67184] ثم أنفقه ما بلغ ( مد أحدكم ولا نصيفه )[67185] هذا فضل ما بيننا وبين الناس ، لا يستوي منكم من أنفق قبل الفتح وقاتل إلى قوله { والله بما تعملون خبير }[67186] .
ثم قال : { وكلا وعد الله الحسنى } أي : والذين أنفقوا من قبل ومن بعد وقاتلوا كلهم وعدهم الله الجنة[67187] .
ثم قال : { والله بما تعملون خبير } أي : بما تعملون من النفقة في سبيل الله وقتل[67188] أعدائه وغير ذلك من أعمالكم ، ذو خبر وعلم ، لا يخفى عليه شيء من ذلك .