( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم( ( فاطر : 2 ) .
المعنى الجملي : بعد أن وصف سبحانه نفسه بالقدرة الكاملة والإرادة النافذة- أيد ذلك بما يشاهده كل أحد في نفسه من الضيق حينا والسعة حينا آخر ، مع العجز عن دفع البؤس إن وجد ، وجلب النعمة لو أراد .
تفسير المفردات :
يفتح : يعطي ، ورحمة : أي نعمة حسية كانت أو معنوية ، كرزق وصحة وأمن وعلم وحكمة ، إلى نحو ذلك مما لا يحاط به .
الإيضاح :
مفاتيح الخير ومغاليقه كلها بيده سبحانه ، فما يعط من خير فلا يستطيع أحد منعه ولا إمساكه ، وأي خير يمسكه فلا يبسطه ولا يفتحه لهم فاتح ، لأن الأمور كلها بيده ، ومنه البذل والعطاء ، والمنع والإمساك .
وهو الغالب على كل ما يشاء من الأمور التي منها الفتح والإمساك ، وهو الحكيم الذي يفعل كل ما يفعل بحسب ما تقتضيه الحكمة والمصلحة .
وفي الآية عظة للناس بالإقبال إلى ربهم والتوجه إليه في قضاء حاجاتهم ، والتوكل عليه في جميع مآربهم ، والإعراض عما سواه من جميع خلقه .
ونحو الآية قوله : ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله( ( يونس : 107 ) .
روى أحمد بن المغيرة بن شعبة أنه قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا انصرف من الصلاة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " .
وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع يقول : " سمع الله لمن حمده ، اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء والأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد اللهم أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد : اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " .
وأخرج ابن المنذر عن عامر بن عبد قيس قال : أربع آيات من كتاب الله إذا قرأتهن فما أبالي ما أصبح عليه وأمسي : ( 1 ) ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده( ( 2 ) ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله( ( يونس : 107 ) ، ( 3 ) ( سيجعل الله بعد عسر يسرا( ( الطلاق : 7 ) . ( 4 ) ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها( ( هود : 6 ) .