قوله : { والذين آمنوا بالله ورسله } إلى قوله : { فإن الله الغني الحميد } الآيات [ 18-23 ] .
أي والذين أقروا بوحدانية الله وإرساله رسله ، وصدقوا الرسل { أولئك هم الصدقون } أي : الذين كثر صدقهم وتصديقهم .
ثم قال : { والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم } أي : لهم أجر أنفسهم ونور أنفسهم .
ومذهب ابن عباس ومسروق والضحاك أن " الشهداء " منفصل من " الصديقين " منقطع منه .
وروى البراء بن عازب قال سمعت النبي صلى الله يقول : مؤمنو أمتي شهداء ، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية .
فهذا يدل على أنه متصل بالصدقين ، أي : أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ، أي : أجر الشهداء ، ونورهم : أي : للمؤمنين أي : من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أجر الشهداء ونورهم .
وروى سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال : كلكم صديق وشهيد فقيل له انظر ماذا تقول يا أبا هريرة ، فقال اقرأوا هذا الآية فذكرها .
وروي أن رجلا من قضاعة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وصليت الصلوات الخمس وصمت شهر رمضان ، وآتيت الزكاة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم من كان على هذا كان من الصدقين والشهداء .
وعن ابن عباس أنه قال يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كل مؤمن صديق ، ويزكي الله بالقتل من يشاء ثم تلا هذه الآية .
قال مجاهد : هو متصل ، وكل مؤمن شهيد .
وروي ذلك عن ابن عمر ، روي عنه أنه/ قال في حديث له . والرجل يموت على فراشه هو شهيد ، وقرأ هذه الآية .
وقيل " الشهداء " في هذا الموضع : النبيون الذين يشهدون على أممهم وهو قوله تعالى : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } .
هذا قول الفراء ، والقول الأول هو اختيار الطبري ، ويكون تمام الكلام : " الصديقون " .
ثم يبتدئ الإخبار عن الشهداء ، وإنما سمي المقتول في سبيل الله عز وجل شهيدا ، لأنه يشهد له بالجنة .
وقيل سمي شهيدا لأنه يشهد عند الله على الأمم . قال تعالى { وتكونوا شهداء على الناس } .
وقال مجاهد : سمي المؤمن شهيدا ، لأنه يشهد عند الله على نفسه بالإيمان .
ثم قال : { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم } .
أي جحدوا ما أنزل الله عز وجل وكذبوا بالقرآن هم أصحاب النار .