الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي

الثعلبي القرن الخامس الهجري

صفحة 237

وَجَآءُو عَلَىٰ قَمِيصِهِۦ بِدَمٖ كَذِبٖۚ قَالَ بَلۡ سَوَّلَتۡ لَكُمۡ أَنفُسُكُمۡ أَمۡرٗاۖ فَصَبۡرٞ جَمِيلٞۖ وَٱللَّهُ ٱلۡمُسۡتَعَانُ عَلَىٰ مَا تَصِفُونَ ١٨

{ وَجَآءُو عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ } أي بدم كذب ، وقيل : بدم ذي كذب لأنه لم يكن دم يوسف وإنما كان دم شاة ، وهذا كما يقال : الليلة الهلال ، وقيل : معناه بدم مكذوب فيه ، فوضع المصدر موضع الاسم ، كما يقال : ماله عقل ولا معقول .

وقرأت عائشة : بدم كدب بالدال غير المعجمة ، أي طري ، فبكى يعقوب عند ذلك ، وقال لبنيه : أروني قميصه فأروه ، فقال : يالله ما رأيت كاليوم ذئباً أحلم من هذا ، أكل ابني ولم يخرق عليه قميصه ، فحينئذ { قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ } رتبت { أَمْراً فَصَبْرٌ } أي فمنّي أو فعليَّ صبر ، وقيل : فصبري صبرٌ { جَمِيلٌ } وقرأ الأشهب والعقيلي : فصبراً على المصدر أي فلأصبرنّ صبراً جميلا ، وهو الصبر الذي لا جزع ولا شكوى فيه .

وقيل : معناه لا أعاشركم على كآبة الوجه وحبوس الحنين ، بل أكون في المعاشرة معكم جميلا كما كنت .

وروى عبد الرزاق عن الثوري عن حبيب بن ثابت أن يعقوب النبي ( عليه السلام ) كان قد سقط حاجباه على عينيه وكان يرفعهما بخرقة فقيل له : ما هذا ؟ قال : طول الزمان وكثرة الأحزان فأوحى الله إليه : يا يعقوب أتشكوني ؟ قال : يا رب خطيئة أخطأتها فاغفرها لي .

{ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } من الكذب ، قالوا : وكان يوسف حين أُلقي في الجب ابن ثماني عشرة سنة ، وقيل : سبع عشرة سنة ، وقيل : كان ابن عشر ، ومكث فيه ثلاثة أيام .