كلام للمؤلف في آيات المقطع له صلة: الآية 9
تفسير المفردات :
أزواجا : أي أصنافا ذكرانا وإناثا ، يعمر من معمر أي يمد في عمر أحد ، في كتاب : أي في صحيفة المرء .
الإيضاح :
ثم ذكر دليلا على صحة البعث بما يرى في الأنفس فقال :
( والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا( أي والله خلق الناس من النطفة ، والنطفة من الغذاء ، والغذاء ينتهي آخرا إلى الماء والتراب ، فهم من تراب صار نطفة ، ثم جعلهم أصنافا ذكرانا وإناثا بقدر معلوم بحيث يكاد الفريقان يستويان عددا ، ولو لم يكن كذلك لفني الإنسان والحيوان ، إذ حفظ النوع لا يتم إلا بتلك المساواة على وجه التقريب ، ولا تكون المساواة إلا بتدبير وعلم ، وإلى ذلك أشار بقوله :
( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه( أي ولا تحمل الأنثى ولا تضع إلا وهو عليم بذلك لا يخفى عليه ، ولو لم يكن كذلك وكانت المصادفة العمياء هي صاحبة السلطان في هذا العالم ، لم يتم التوازن في العدد بين الزوجين فيفنى الإنسان والحيوان .
ونحو الآية قوله : ( الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار8 عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال( ( الرعد : 8-9 ) .
( وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب( أي لا أحد يقضى له بطول العمر إلا وهو بالغ ما قدر له ، لا يزيد على ذلك ولا ينقص منه ، ولا أحد مقدر له قصر العمر بزائد على ما قدر له في الكتاب الذي كتب له ، وذلك لحفظ الموازين في الأرض حتى ينتظم العمران ، ولو لم يكن على هذا النحو لاختلط الحابل بالنابل ، وساء حال الكون ، إذ يكثر الناس وتزدحم الأرض ويشتد الكرب ، ومن ثم تفاوتت الأعمار في جميع الأمصار وكانت بمقدار ، واعتدل النظام بالمرض والموت ، والوباء والحرب .
( إن ذلك على الله يسير( أي إن ذلك النظام البديع للعالم- هين على الله لعلمه الشامل ، وعدم خفاء شيء عليه .