تاج التفاسير لكلام الملك الكبير للميرغني

الميرغني القرن الثالث عشر الهجري

صفحة 1

بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ١

مكية وآياتها سبع

بسم الله الرحمان الرحيم

( بسم الله ) بدأ الحق ) كتابه بالبسملة الشريفة لما احتوت عليه من الأسرار اللطيفة اذ قال بعضهم إن جميع أسرار العلوم فيها وقال بعضهم في الباء منها وقال بعضهم في النقطة التي تحت الباء هي سر الله المحيط وفيها من العلوم ملا يدخل تحت المحيط والباء متعقلة بمحذوف باسم الله أقرأ إذا كان المبدوء مقروءا وهكذا يقدر كل شارع في أمر ما يناسبه والله علم على الذات ( الرحمن ) الذي وسعت رحمته الدنيا والآخرة ( الرحيم ) الجاعل شريف مظهر هذا الاسم في الدار الآخرة والبسملة عند البعض آية من الفاتحة وعند آخرين آية من كل سورة ذكر الجد سيدي عبد الله الميرغني في شرحه على الصلاة المشيشية أن الله تعالى أوحى إلى نبي من الأنبياء من أتى يوم القيامة وفي صحيفته أربعة آلاف مرة بسم الله الرحمن الرحيم ركزت لواءه إلى قائمة من قوائم العرش وشفعته في اثني عشر ألف عتيق قد استوجبوا النار ولولا أني قضيت على كل نفس بالموت ما قبضت روحه ولا يمنعه ان يدخل الجنة إلا أن ينزل به الموت

ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ٢

( الحمد ) هو الثناء بالجميل على جميع النعم ( لله ) المستحق له على الحقيقة دون غيره . وقرئ الحمد لله بإتباع الدال للام وبالعكس . ( رب ) وقرئ بالنصب ، والرب في اللغة هو المولى . ( العالمين ) الثقلين والملائكة وهو رب ومصلح كل موجود وتربيته للخلق بحسب تنقلاتهم من طور إلى طور واختلاف الأطوار في العباد ، فتربيته للصغير بإرضاع أمه ، ثم بتناوله من الطعام شيئا فشيئا إلى أن يقدر على القيام به وتربيته للكبير بزيادة عقله واتساع فهمه وإدراكه دقائق الأمور بالفطانة ، وتربيته للعارفين بحسب ترقيهم في منازل القرب إلى جانبه الأقدس وكماله المقدس .

ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ٣

( الرحمن ) الذي رحم عباده في الدنيا بالتوفيق إلى الأعمال الصالحة وفي الآخرة بالجزاء عليها وزيادة الفضل ( الرحيم ) الذي يرحم عباده المؤمنين في الآخرة بشهود جماله العالي وتوالي خطابه المتلالي

مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ٤

( مالك ) وقرئ ملك وقرئ ملك بالتخفيف وقرئ ملك بلفظ الفعل الماضي وقرئ ملكا بالنصب منونا وملك بالرفع منونا ( يوم الدين ) يوم الجزاء وهو يوم القيامة ، وتخصيصه بذكر ملك هذا اليوم لظهور انفراد الملك فيه للحق دون غيره وإن كان هو المالك لما قبل ذلك وبعده

إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ٥

( إياك ) مفعول مقدم ( نعبد ) فعل مؤخر وقرئ بكسر النون والمعنى أن قيامنا في العبادة بك إذ لولا شروق نوره على العبد المتوجه إلى جنابه لم يقم بشيء من الأمور الواجبة عليه الموصلة إلى عظيم رحابه ( وإياك ) أى بك ( نستعين ) وقرئ بكسر النون أيضا أى واستعانتنا في جميع ما نشتغل به من القربات وغيرها بك لا بغيرك وصلاح أحوالنا في سيرنا بجليل نفعك لاضرك

ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ٦

( اهدنا ) فعل دعاء أى نطلب منك أن تعدينا ( الصراط ) وقرئ بالسين وقرئ بين بين ( المستقيم ) أى المستوى الذي لا اعوجاج فيه

صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ٧

( صراط ) سبيل وطريق ( الذين ) موصول ( أنعمت ) وتفضلت ( عليهم ) من العباد وينبغي للمصلى هنا أن يلاحظ سبيل الأنبياء والأولياء والصوفية ومن نحا نحوهم من الأتقياء ( غير مغضوب عليهم ) وهم اليهود ( ولا الضالين ) النصارى وقرئ وغير الضالين

( آمين ) كلمة دعاء بمعنى استجب لنا وليست من الفاتحة إجماعا وعنه صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب تعدل بثلثي القرآن أخرجه عبد بن حميد وقال صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب تجزئ مالا يجزئ شيء من القرآن ولو أن فاتحة الكتاب جعلت في كفة الميزان وجعل القرآن في الكفة الأخرى لفضلت فاتحة الكتاب على القرآن مرات أخرجه الديلمي في الفردوس .