الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب

مكي ابن أبي طالب القرن الخامس الهجري
Add Enterpreta Add Translation

page 537

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ١

بسم الله الرحمان الرحيم

سورة الحديد

مدنية[1]

قوله : { سبح لله ما في السماوات والأرض } إلى قوله : { والله بما تعملون خبير } الآيات [ 1 -10 ] .

أي : كل ما دون الله من خلقه يسبح تعظيما له وإقرارا بربوبيته وقيل التسبيح فيما لا ينطق هو ظهور[67115] أثر الصنعة فيه[67116] .

وقيل : بل كل ما لا ينطق والله أعلم بتسبيحه ، ودل على ذلك قوله : { ولكن لا تفقهون تسبيحهم }[67117] ولو كان تسبيح ما لا ينطق أثر الصنعة عليه لكان ذلك [ شيئا ][67118] يفقه ( ويعلم ظاهرا عندنا )[67119] .

وقيل : { سبح } في هذا وما بعده من السور معناه " صلى " [67120] .

وقوله : { وهو العزيز الحكيم } أي : العزيز في انتقامه ممن عصاه الحكيم في تدبير خلقه ، لا يدخل في تدبيره خلل[67121] .

لَهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يُحۡيِۦ وَيُمِيتُۖ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٌ٢

ثم قال : { له ملك السماوات والأرض يحيي ويميت } [ 2 ][67122] . الآية .

أي له سلطان ذلك كله ، فلا شيء فيهن يقدر على الامتناع منه ، يحيي ما يشاء من الخلق بأن يوجده كيف يشاء ، ويميت من يشاء من الأحياء بعد الحياة عند بلوغ الأجل الذي قدره[67123] الله له قبل أن يخلقه .

{ وهو على كل شيء قدير } أي : ذو[67124] قدرة لا يمتنع عليه ما يريده من إحياء ميت وموت حي[67125] .

هُوَ ٱلۡأَوَّلُ وَٱلۡأٓخِرُ وَٱلظَّـٰهِرُ وَٱلۡبَاطِنُۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٌ٣

ثم قال : { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم } [ 3 ] : أي : هو الأول قبل كل شيء بغير حد ، والآخر بعد كل شيء بغير نهاية ، وهو الظاهر على كل شيء ، فكل شيء دونه ، وهو العالي فوق كل شيء ، فلا شيء أعلا[67126] منه ، والباطن في جميع الأشياء ، فلا شيء أقرب إلى شيء منه ، كما قال : { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد }[67127] يعني القرب بعلمه وقدرته وهو فوق عرشه[67128] .

قال قتادة : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم[67129] بينما هو جالس في أصحابه إذ ثار عليهم سحاب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل تدرون ما هذا ، قالوا الله ورسوله أعلم ، قال : هذا العنان ، هذ/راوي الأرض ( يسوقه )[67130] الله إلى قوم لا يشكونه ولا يرجونه[67131] : ثم قال : هل تدرون ما التي فوقكم ؟ قالوا الله ورسوله أعلم . قال : فإنها الرقيع موج مكفوف وسقف محفوظ ، قال فهل تدرون كم بينكم وبينها ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ، قال مسيرة خمس مائة عام قال[67132] هل تدرون ما فوق ذلك ، ( قالوا مثل ذلك )[67133] قالوا فوقها سماء أخرى ( وبينها مسيرة خمس مائة عام )[67134] ثم قال مثل ذلك حتى ذكر سبع سماوات ، ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك ، قالوا مثل ذلك ، قال فإن فوق ذلك العرش وبين السماء السابعة وبينه مثل ما بين السمائين ، ثم قال هل تدرون ما التي تحتكم[67135] ؟ قالوا الله ورسوله أعلم . قال فإنما الأرض ثم قال مثل ذلك إلى سبع أرضين ، وذكر أن بين كل أرض وأرض مسيرة خمس مائة عام ، ثم قال والذي نفسي بيده لو دلى أحدكم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله تعالى ، ثم قرأ { هو الأول والآخر } الآية[67136] .

وقال ابن عباس ظهر فوق الظاهرين[67137] بقهره المتكبرين .

وقيل معنى " الظاهر والباطن " / : يعلم ما ظهر وما بطن ، ومنه ظهر الإنسان وبطنه ، لأن الظهر غير ساتر ، والبطن ساتر ، ومنه الظهير وهو العوين على الأشياء حق ( يستعلي )[67138] عليها ، ويعين[67139] " وظهير " أي : قوي .

ومنه صلاة الظهر لأنها أول ما ظهرت[67140] من الصلوات .

وقيل الظهر[67141] والظهيرة : شدة الحر ، فسميت الصلاة بالظهر لأنها اسم الوقت الذي تكون فيه ، ومنه : ظهرت على فلان : أي[67142] قهرته[67143] .

وقوله : { وهو بكل شيء عليم } أي : لا يخفى عليه شيء ظهر ولا بطن في السماء ولا في الأرض كبر أو[67144] صغر .

page 538

هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٖ ثُمَّ ٱسۡتَوَىٰ عَلَى ٱلۡعَرۡشِۖ يَعۡلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا يَخۡرُجُ مِنۡهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعۡرُجُ فِيهَاۖ وَهُوَ مَعَكُمۡ أَيۡنَ مَا كُنتُمۡۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِيرٞ٤

ثم قال : { هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام } [ 4 ] .

أي : ابتدع ذلك وأنشأه في ستة أيام ، مقدار كل يوم ألف عام .

{ ثم استوى على العرش } أي : ارتفع وعلا[67145] ارتفاع قدرة وتعظيم وجلالة ، لا ارتفاع نقلة .

ثم قال : { يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها }[67146] : أي : ما يدخل فيها من الماء وغيره[67147] .

{ وما يخرج منها } أي : من النبات وغيره .

{ وما ينزل من السماء } أي ينزل منها إلى الأرض من القطر وغير ذلك .

{ وما يعرج من السماء } أي : ما يصعد إليها من الأعمال والملائكة وغير ذلك ، لا تخفى عليه خافية في السماوات ولا في الأرض .

{ والله بما تعملون بصير } أي : بصير بأعمالكم يحصيها عليكم حتى يجازيكم بها يوم القيامة .

ثم قال[67148] : { وهو معكم أين ما كنتم } قال سفيان الثوري : علمه[67149] .

لَّهُۥ مُلۡكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرۡجَعُ ٱلۡأُمُورُ٥

ثم قال : { له ملك السماوات والأرض } [ 5 ] أي : له سلطان ذلك وملكه[67150] .

{ والله بما تعملون بصير } أي : إليه ترد الأمور يوم القيامة فيقضي بين خلقه بحكمه وعدله .

يُولِجُ ٱلَّيۡلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلَّيۡلِۚ وَهُوَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ٦

ثم قال : { يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل } [ 6 ] أي : يدخل هذا في هذا وإذا في ذا أي [67151] ما نقص من هذا زاد في ذا [67152] .

ثم قال : { وهو عليم بذات الصدور } أي : هو ذو علم بضمائر صدور عباده ، وما عزمت عليه نفسهم من خير وشر ، وفي الحديث أن الدعاء يستجاب بعد هذه ( الآيات البينات ) [67153] [67154] .

ءَامِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَأَنفِقُواْ مِمَّا جَعَلَكُم مُّسۡتَخۡلَفِينَ فِيهِۖ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَأَنفَقُواْ لَهُمۡ أَجۡرٞ كَبِيرٞ٧

ثم قال : { آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه } [ 7 ] .

أي صدقوا بتوحيد الله وكتبه[67155] ورسله ، وأنفقوا في سبيل الله مما خولكم وأورثكم عن من كان قبلكم ، فجعلكم خلفا فيه ، ( أي فالذين آمنوا )[67156] . صدقوا وأنفقوا في سبيل الله لهم أجر كبير ، أي : الجنة .

وَمَا لَكُمۡ لَا تُؤۡمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلرَّسُولُ يَدۡعُوكُمۡ لِتُؤۡمِنُواْ بِرَبِّكُمۡ وَقَدۡ أَخَذَ مِيثَٰقَكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ٨

ثم قال : { وما لكم لا تؤمنون بالله والرسول يدعوكم } الآية[67157] [ 8 ] .

أي وأي شيء لكم في ترك الإيمان بالله ، والرسول يدعوكم بالحجج والبراهين لتؤمنوا بربكم ، لتصدقوا[67158] محمدا صلى الله عليه وسلم[67159] فيما جاءكم به .

أي أخذ الله عز وجل[67160] ميثاقكم في صلب آدم عليه السلام[67161] إذا قال لكم ألست بربكم ، فقلتم بلى .

وقوله : { إن كنتم مؤمنين } .

أي إن كنتم تريدون أن تؤمنوا يوما من الأيام بالله ، فالآن أحرى الأوقات أن تؤمنوا به لتتابع الحجج عليكم[67162] .

وقيل معناه : إن كنتم عازمين على الإيمان فهذا أوانه لما خطر لكم من البراهين والدلائل[67163] .

هُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ عَلَىٰ عَبۡدِهِۦٓ ءَايَٰتِۭ بَيِّنَٰتٖ لِّيُخۡرِجَكُم مِّنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِۚ وَإِنَّ ٱللَّهَ بِكُمۡ لَرَءُوفٞ رَّحِيمٞ٩

ثم قال : { هو الذي ينزل على عبده آيات بينات } [ 9 ] .

يعني القرآن .

{ ليخرجكم من الظلمات إلى النور } .

أي من الكفر إلى الإيمان .

وقيل معناه : من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان[67164] .

ثم قال : { وإن[67165] الله بكم لرءوف رحيم }/ .

أي لذو رأفة ورحمة بكم ، ومن رأفته ورحمته[67166] أنزل الله[67167] عليكم آيات بينات يخرجكم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان .

وَمَا لَكُمۡ أَلَّا تُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَٰثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۚ لَا يَسۡتَوِي مِنكُم مَّنۡ أَنفَقَ مِن قَبۡلِ ٱلۡفَتۡحِ وَقَٰتَلَۚ أُوْلَـٰٓئِكَ أَعۡظَمُ دَرَجَةٗ مِّنَ ٱلَّذِينَ أَنفَقُواْ مِنۢ بَعۡدُ وَقَٰتَلُواْۚ وَكُلّٗا وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِيرٞ١٠

ثم قال : { وما لكم ألا تنفقوا في سبيل الله } الآية[67168] [ 10 ] .

أي : أي عذر[67169] لكم في ترك الإنفاق في سبيل الله وأنتم خلف الموت فتخلفون ما تبخلون[67170] به ويورث بعدكم ، ثم يخلفه من ورثه عنكم فيعود الميراث إلى الله عز وجل[67171] .

وحضهم على الإنفاق في سبيل الله ليكون ذلك ذخرا لهم عنده من قبل أن يموتوا فلا يقدرون[67172] ، وتصير الأموال ميراثا لمن له ميراث السماوات والأرض وهو الله جل ذكره[67173] .

ثم قال : { لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل } .

أي من قبل فتح مكة ، وهاجر وقاتل في سبيل الله عز وجل[67174] قاله مجاهد وقتادة ، أي : لا يستوي في الأجر والفضل من هاجر قبل الفتح وأنفق وقاتل مع من هاجر من بعد ذلك وقاتل وأنفق[67175] .

قال قتادة : كان قتالان أحدهما أفضل من الآخر ، وكانت نفقتان إحداهما[67176] أفضل من الأخرى ، كانت النفقة والقتال من قبل فتح مكة أفضل منهما بعد الفتح ، وكذلك قال زيد بن أسلم[67177] .

وقال الشعبي الفتح هنا فتح الحديبية ، فالذين أنفقوا وقاتلوا قبل فتح الحديبية أعظم درجة من الذين أنفقوا وقاتلوا بعد ذلك[67178] .

وهذا القول اختاره بعض العلماء ، لأن الخدري روى النبي صلى الله عليه وسلم[67179] قال : يوم فتح الحديبية يأتي أقوام[67180] يحقرون[67181] أعمالكم مع أعمالهم قالوا يا رسول الله أمن قريش هم ؟ قال لا ، هم أهل اليمن أرق أفئدة[67182] وألين قلوبا ، قلنا يا رسول الله أهم خير منا . قال[67183] لو أن لأحدهم جبل/ ذهبا[67184] ثم أنفقه ما بلغ ( مد أحدكم ولا نصيفه )[67185] هذا فضل ما بيننا وبين الناس ، لا يستوي منكم من أنفق قبل الفتح وقاتل إلى قوله { والله بما تعملون خبير }[67186] .

ثم قال : { وكلا وعد الله الحسنى } أي : والذين أنفقوا من قبل ومن بعد وقاتلوا كلهم وعدهم الله الجنة[67187] .

ثم قال : { والله بما تعملون خبير } أي : بما تعملون من النفقة في سبيل الله وقتل[67188] أعدائه وغير ذلك من أعمالكم ، ذو خبر وعلم ، لا يخفى عليه شيء من ذلك .

مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقۡرِضُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا فَيُضَٰعِفَهُۥ لَهُۥ وَلَهُۥٓ أَجۡرٞ كَرِيمٞ١١

ثم قال : [67189] { من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا } إلى قوله : { هو الفوز العظيم } الآيات [ 11 – 12 ] .

أي من ذا الذي ينفق في سبيل الله محتسبا في نفقته ، فيضاعف له ربه ( بالحسنة عشرة أمثالها ) [67190] إلى سبع مائة ضعف .

{ وله أجر كريم } ( وهو الجنة ) [67191] .

" ومن " مبتدأ و " ذا " خبره ، " والذي " نعت ل " ذا " [67192] .

وقيل " من " [67193] مبتدأ و " ذا " زائدة مع " الذي " ، و " الذي " خبر الابتداء [67194] .

وأجاز الفراء أن تكون " ذا " زائدة مع " من " كما جاءت زائدة مع " ما " ، ولا يجوز هذا عند البصريين لأن " ما " مبهمة ، فجاز ذلك فيها ، وليست [67195] من كذلك [67196] [67197] .

page 539

يَوۡمَ تَرَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِ يَسۡعَىٰ نُورُهُم بَيۡنَ أَيۡدِيهِمۡ وَبِأَيۡمَٰنِهِمۖ بُشۡرَىٰكُمُ ٱلۡيَوۡمَ جَنَّـٰتٞ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَاۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ١٢

ثم قال : { يوم ترى المؤمنين [ والمؤمنات ] [67198] يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم } .

أي لهم أجر كريم في يوم ترى المؤمنين ، فالعامل في " يوم " معنى الملك في " لهم " [67199] .

وقيل العامل فيه { وكلا وعد الله الحسنى } { يوم ترى } فوعد هو [67200] العامل فيه .

ومعنى الآية : يوم ترى المؤمنين والمؤمنات يضيء نورهم بين أيديهم وبأيمانهم . قال قتادة : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم [67201] كان يقول : من المؤمنين ما يضيء نوره [ من المدينة إلى عدن وصنعاء فدون ذلك حتى إن من المؤمنين من لا يضيء نوره ] [67202] إلا من موضع قدميه [67203] .

قال ابن مسعود يعطى المؤمنون [67204] نورا على قدر أعمالهم ، فمنهم من يعطى [ نورا كالنخلة السحوق ومنهم من يعطى نورا كالرجل القائم وأدناهم من يعطى نورا ] [67205] على ابهامه يضيء مرة ويطفى مرة [67206] .

وقال الضحاك معنى " وبإيمانهم " أي : وبأيمانهم كتبهم [67207] .

وقيل النور هنا : الكتاب لأنهم يعطون كتبهم من بين أيديهم بأيمانهم فلهذا وقع الخصوص .

وقيل المعنى يسعى ثواب إيمانهم وعملهم [ الصالح ] [67208] بين أيديهم وفي أيمانهم كتب أعمالهم نظائر ، هذا اختيار الطبري ، وهو قول الضحاك المتقدم [67209] .

والباء في " وبأيمانهم " بمعنى " في " [67210] على هذا التأويل ، وعلى القول الأول بمعنى " عن " [67211] .

ثم قال : { بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار } .

أي يقال لهم بشراكم اليوم جنات ، أي : الذي تبشرون به اليوم هو جنات ، فأبشروا بها وأجاز [67212] الفراء " جنات " بالنصب على القطع ، ويكون " اليوم " خبر الابتداء [67213] .

وأجاز " اليوم " على أنه خبر " بشراكم " / ، وأجاز أن يكون [67214] بشراكم " في موضع نصب بمعنى يبشرهم ربهم بالبشرى ، وأن ينصب [67215] جنات بالبشرى ، وفي هذه التأويلات بعد وتعسف وغلط ظاهر [67216] .

قوله : { خالدين فيها } أي : ماكثين فيها [67217] لا يتحولون عنها .

{ ذلك هو الفوز العظيم } أي : خلودهم في الجنة التي وصفت هو النجاح العظيم .

يَوۡمَ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ لِلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱنظُرُونَا نَقۡتَبِسۡ مِن نُّورِكُمۡ قِيلَ ٱرۡجِعُواْ وَرَآءَكُمۡ فَٱلۡتَمِسُواْ نُورٗاۖ فَضُرِبَ بَيۡنَهُم بِسُورٖ لَّهُۥ بَابُۢ بَاطِنُهُۥ فِيهِ ٱلرَّحۡمَةُ وَظَٰهِرُهُۥ مِن قِبَلِهِ ٱلۡعَذَابُ١٣

قوله : { يوم يقولون المنافقون } إلى قوله : { ولهم أجر كريم } الآيات [ 13 -17 ] .

أي ذلك هو الفوز العظيم في يوم يقول هؤلاء المنافقون .

{ للذين آمنوا انظرونا } أي : تمهلوا علينا .

{ نقتبس من نوركم } أي : نستصبح من نوركم .

و{ نظرونا } في قراءة من وصل الألف من نظر ينظر : إذا انتظر [67218] .

وقرأ حمزة بقطع الألف ، جعله من أنظره : إذا أخره ، وهو بعيد في المعنى إذا حملته على التأخير ، وإنما يجوز على معنى [67219] تمهلوا علينا [67220] .

يقال أنظرني : بمعنى تمهل علي وترفق ، حكاه علي بن سليمان فعلى هذا يجوز قراءة حمزة [67221] .

وحكى غيره أنظرني : بمعنى اصبر علي ، كما قال ( عمرو بن كلثوم ) [67222] : ( وأنظرنا نخبرك اليقينا ) [67223] [ أي اصبر [67224] علينا ] ، فعلى هذا أيضا تصح قراءة حمزة [67225] .

ثم قال : { قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا } .

يقال [67226] لهم ارجعوا من حيث [ جئتم ] [67227] فاطلبوا لأنفسكم هنالك نورا [ فإنه ] [67228] لا سبيل إلى الاقتباس من نورنا .

قال ابن عباس بينما الناس في ظلمة إذا بعث الله جل ثناؤه نورا ، فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه ، وكان النور لهم دليلا من الله جل وعز [67229] إلى الجنة ، فلما رآى المنافقون المؤمنين [67230] قد انطلقوا اتبعوهم فأظلم الله على المنافقين ، فقالوا حينئذ : انظرونا نقتبس من نوركم فإنا [ كنا ] [67231] معكم في الدنيا قال المؤمنون راجعوا من حيث جئتم [67232] من الظلمة التمسوا هنالك النور [67233] .

ثم قال : { فضرب بينهم بسور } أي : فضرب الله بين المؤمنين والمنافقين بسور وهو حاجز بين أهل الجنة [ وأهل ] [67234] النار .

قال ابن زيد هذا السور هو الذي قال جل وعز { وبينهما حجاب } [67235] [67236] .

ويقال أن ذلك السور ببيت المقدس عن موضع يعرف بوادي جهنم [67237] .

وروي ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص وعن ابن عباس [67238] .

وكان كعب يقول في الباب الذي يسمى باب الرحمة : في بيت المقدس [67239] أنه الباب الذي قال الله عز وجل [67240] { له باب باطنه فيه الرحمة } [67241] والرحمة هنا الجنة ، والعذاب : النار [67242] . /

يُنَادُونَهُمۡ أَلَمۡ نَكُن مَّعَكُمۡۖ قَالُواْ بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمۡ فَتَنتُمۡ أَنفُسَكُمۡ وَتَرَبَّصۡتُمۡ وَٱرۡتَبۡتُمۡ وَغَرَّتۡكُمُ ٱلۡأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَآءَ أَمۡرُ ٱللَّهِ وَغَرَّكُم بِٱللَّهِ ٱلۡغَرُورُ١٤

ثم قال : { ينادونهم ألم نكن معكم } [67243] .

أي ينادي المنافقون المؤمنين [67244] حين حجز بينهم بالسور فبقوا في الظلمة والعذاب ، ألم نكن معكم في الدنيا نصلي ونصوم ونناكحكم ونوارثكم ، قال لهم المؤمنون ، بلى ، ولكنكم فتنتم أنفسكم فنافقتم والفتنة هنا : النفاق ، قاله مجاهد [67245] .

قال شريك بن عبد [67246] الله فتنتم أنفسكم بالشهوات واللذات وتربصتم قال بالتوبة .

{ وارتبتم } أي : سككتم .

{ حتى جاء أمر الله } يعني الموت .

{ وغركم بالله الغرور } أي [67247] الشيطان .

وقال غيره وتربصتم وتثبطتم [67248] بالإيمان ، والإقرار بالله ورسوله قال قتادة : وتربصتم : أي : بالحق وأهله [67249] .

وقيل معناه : وتربصتم بالنبي صلى الله عليه وسلم [67250] وبالمؤمنين الدوائر [67251] . وقيل تربصتم بالتوبة [67252] .

وقوله : { وارتبتم } [67253] أي : شككتم في توحيد الله [67254] سبحانه وفي نبوة محمد صلى الله عليه وسلم .

قال قتادة : كانوا في شك من الله سبحانه وتعالى [67255] .

ثم قال : { وغرتكم الأماني } .

أي وخدعتكم أماني أنفسكم فصدتكم عن سبيل الله . وأضلتكم .

وقيل معناه : تمنيتم أن تنزل [67256] بالنبي صلى الله عليه وسلم [67257] الدوائر [67258] .

{ حتى جاء أمر الله } .

{ حتى جاء } [67259] نصر الله نبيه ودينه .

وقيل حتى جاء أمر الله يقبض أرواحكم عند تمام آجالكم .

قال [67260] قتادة وغرتكم الأماني [67261] حتى جاء أمر الله ، قال : كانوا على [67262] خدعة من الشيطان ، والله ما زالوا عليها حتى قذفهم الله في النار [67263] .

وقوله : { وغركم بالله الغرور } .

أي وخدعكم بالله الشيطان فأطمعكم في النجاة [67264] من عقوبته والسلامة من عذابه .

فَٱلۡيَوۡمَ لَا يُؤۡخَذُ مِنكُمۡ فِدۡيَةٞ وَلَا مِنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ مَأۡوَىٰكُمُ ٱلنَّارُۖ هِيَ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ١٥

ثم قال : { فاليوم لا يؤخذ منكم }[67265] [ 14 ] .

( قال ابن سلام وذلك أنهم يعطون الإيمان يوم القيامة فلا يقبل منهم )[67266] .

هذا قول المؤمنين لأهل النفاق ، فاليوم[67267] لا يقبل منكم فداء ولا عوض بدلا من عقابكم وعذابكم ، ولا يؤخذ من الذين كفروا .

{ مأواكم النار }[67268] .

أي مثواكم ومسكنكم .

{ هي مولاكم } أي : النار أولى بكم[67269] . /

{ وبيس المصير } أي : المرجع[67270] ، بئس المصير من صار إلى[67271] .

۞أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ وَلَا يَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ مِن قَبۡلُ فَطَالَ عَلَيۡهِمُ ٱلۡأَمَدُ فَقَسَتۡ قُلُوبُهُمۡۖ وَكَثِيرٞ مِّنۡهُمۡ فَٰسِقُونَ١٦

قوله : { ألم يان للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله } [ 15 ] .

أي ألم يحن للذين صدقوا الله ورسوله أن تلين قلوبهم لذكر الله ( وتذل من خشية الله )[67272] .

{ وما نزل من الحق } وهو القرآن .

قال ابن عباس : { أن تخشع قلوبهم لذكر الله } ، قال : تطيع قلوبهم[67273] .

روي عن ابن مسعود[67274] أنه قال : عاتبنا الله بهذه الآية بعد إسلامنا بسبع سنين . وقال غيره بأربع سنين[67275] .

وقال قتادة : ذكر لنا أن شداد[67276] بن أوس[67277] كان يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : أول ما يرفع الله[67278] من الناس الخشوع[67279] .

ثم قال : { ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب قبل } يعني : بني إسرائيل ، والكتاب : التوراة والإنجيل .

{ فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم } .

والأمد الدهر الذي بينهم وبين موسى عليه السلام[67280] .

ثم قال : { وكثير منهم فاسقون } أي : من أهل الكتاب .

ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ يُحۡيِ ٱلۡأَرۡضَ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۚ قَدۡ بَيَّنَّا لَكُمُ ٱلۡأٓيَٰتِ لَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُونَ١٧

ثم قال : { اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها } [ 16 ] .

أي بالمطر : فتنبت بعد يبسها وموتها ، فكما قدر على ذلك ، فهو قادر على أن يحيي الموتى بعد إفنائهم[67281] .

وقال صالح[67282] المري يحيي الأرض بعد موتها : يلين بكم[67283] ، القلوب بعد قسوتها[67284] .

ثم قال : { قد بينا لكم الآيات } ( أي الحجج والأدلة )[67285] .

{ لعلكم تعقلون } .

إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ١٨

ثم قال : { إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا } [ 17 ] .

أي[67286] انفقوا في سبيل الله وفيما ندبهم[67287] إليه[67288] .

{ يضاعف لهم } ( أي فيضاعف لهم )[67289] الثواب يوم القيامة .

{ ولهم أجر كريم } .

أي ثواب كريم وهو الجنة ، ومن خفف " المصدقين " فمعناه إن[67290] الذين صدقوا محمدا صلى الله عليه وسلم[67291] وآمنوا ثم تصدقوا[67292] من أموالهم وأنفقوا في طاعة الله عز وجل[67293] يضاعف لهم[67294] .

page 540

وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلصِّدِّيقُونَۖ وَٱلشُّهَدَآءُ عِندَ رَبِّهِمۡ لَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ وَنُورُهُمۡۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَآ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَحِيمِ١٩

قوله : [67295] { والذين آمنوا بالله ورسله } إلى قوله : { فإن الله الغني الحميد } الآيات [ 18-23 ] .

أي والذين أقروا بوحدانية الله وإرساله رسله ، وصدقوا الرسل { أولئك هم الصدقون } أي : الذين كثر صدقهم وتصديقهم .

ثم قال : { والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم } أي : لهم أجر أنفسهم ونور أنفسهم .

ومذهب ابن عباس ومسروق والضحاك أن " الشهداء " منفصل من " الصديقين " منقطع منه [67296] .

وروى البراء بن عازب [67297] قال سمعت النبي صلى الله يقول : مؤمنو أمتي شهداء ، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم [67298] هذه الآية [67299] .

فهذا يدل على أنه متصل بالصدقين ، أي : أولئك هم الصديقون والشهداء [67300] عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ، أي : أجر الشهداء ، ونورهم : أي : للمؤمنين أي : من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أجر الشهداء ونورهم .

وروى سعيد [67301] عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال : كلكم صديق وشهيد فقيل له انظر ماذا [67302] تقول يا أبا هريرة ، فقال اقرأوا هذا الآية فذكرها [67303] .

وروي أن رجلا من قضاعة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وصليت الصلوات الخمس وصمت شهر رمضان ، وآتيت الزكاة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم [67304] من كان على هذا كان من الصدقين والشهداء [67305] .

وعن ابن عباس أنه قال يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كل مؤمن صديق ، ويزكي الله بالقتل من يشاء [67306] ثم تلا هذه الآية [67307] .

قال مجاهد : هو متصل ، وكل مؤمن شهيد [67308] .

وروي ذلك عن ابن عمر ، روي عنه أنه/ قال في حديث له . والرجل يموت على فراشه هو شهيد ، وقرأ [67309] هذه الآية [67310] .

وقيل " الشهداء " في هذا الموضع : النبيون [67311] الذين يشهدون على أممهم وهو قوله تعالى : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } [67312] .

هذا قول الفراء [67313] ، والقول الأول هو اختيار الطبري ، ويكون [67314] تمام الكلام : " الصديقون " [67315] .

ثم يبتدئ الإخبار عن الشهداء ، وإنما سمي المقتول في سبيل الله عز وجل [67316] شهيدا ، لأنه يشهد له بالجنة [67317] .

وقيل سمي شهيدا [67318] لأنه يشهد عند الله على الأمم . قال تعالى { وتكونوا شهداء على الناس } [67319] .

وقال مجاهد : سمي المؤمن شهيدا ، لأنه يشهد عند الله على نفسه بالإيمان [67320] .

ثم قال : { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم } .

أي جحدوا ما أنزل الله عز وجل [67321] وكذبوا بالقرآن هم أصحاب النار .

ٱعۡلَمُوٓاْ أَنَّمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَا لَعِبٞ وَلَهۡوٞ وَزِينَةٞ وَتَفَاخُرُۢ بَيۡنَكُمۡ وَتَكَاثُرٞ فِي ٱلۡأَمۡوَٰلِ وَٱلۡأَوۡلَٰدِۖ كَمَثَلِ غَيۡثٍ أَعۡجَبَ ٱلۡكُفَّارَ نَبَاتُهُۥ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَىٰهُ مُصۡفَرّٗا ثُمَّ يَكُونُ حُطَٰمٗاۖ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ عَذَابٞ شَدِيدٞ وَمَغۡفِرَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٞۚ وَمَا ٱلۡحَيَوٰةُ ٱلدُّنۡيَآ إِلَّا مَتَٰعُ ٱلۡغُرُورِ٢٠

ثم قال : { اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب [ ولهو ] } [28][ 19 ] أي : / : اعلموا أيها الناس أن ما عجل لكم في الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة زائلة مضمحلة ، فأنتم تفاخرون بها وتتكثرون [29] بها فمثلكم كمثل مطر أعجب الكفار نباته ، أي : أعجبه الزراع نباته فهو على نهاية الحسن [30] .

وقيل الكفار هنا هم المكذبون ، لأنهم بالدنيا أشد إعجابا ، أي [31] لا يؤمنون بالبعث [32] .

وقوله : { ثم يهيج } أي : يبتدئ في الصفرة [33] .

{ فتراه مصفرا ثم يكون حطاما } أي : متحطما لا نفع فيه لأحد ، فضرب الله عز وجل [34] مثلا للدنيا وزينتها وزوالها بعد الإعجاب بها .

( ثم أخبر تعالى بما في الآخرة من العذاب لمن ركن إلى الدنيا واختارها على الآخرة بالبعث فقال :

{ وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من الله ورضوان } لأهل الإيمان بالله ورسوله [35] .