وإن الدعاء صادر من قلب خاشع ضارع ، ولذا استجاب سبحانه وكان الخارق للعادة فقال تعالى :
{ يا زكريا إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا 7 } .
ابتدأ الإجابة بندائه باسمه إدناء ، وعناية وإظهار المحبة واختصاصه ، وتمكينا لإجابته في ندائه الضارع ، وأردف ذلك النداء المقرب بقوله : { إنا نبشرك بغلام } ، { نبشرك } أضاف سبحانه التبشير إلى ذاته العلية ذاكرا بضمير المتكلم العظيم فوق كل عظمة الذي لا يتقيد بأسباب الناس وعاداتهم ، بل إنه الفعال لما يريد { بغلام اسمه يحيي } ، وتأكيد للتبشير سماه الله تعالى ، فسماه الله تعالى ، فسماه يحيى ، ولهذا الاسم مناسبة واضحة بالنسبة لأبويه ، فأبوه شيخ فان ، وكأنما رد إليه شبابه في حياة ولده فكان له إحياء ، وأمه عاقر ، كأنما خلق الله تعالى الحياة في رحم جف فلم يرب جنينا ، فكان منه الولد ، وذلك بلا ريب خرق للأسباب والمسببات العادية التي فرضها فلاسفة اليونان الذين قارنوا ظهور المسيح عليه السلام ومريم أمه ، وزكريا كافلها ، و{ لم نجعل له من قبل سميا } ، أي شبيها في خلاله وسجاياه ، فقد كان حصورا من الصالحين وليس له سمي ، فالتسمية من الله ، وقد سبق يحيى بها كل الأسماء التي سمى بها الرجال .