وقد ذكر الله سبحانه ما حلاه من صفات بشرية هي صفات البشر الكامل فقال تعالى :
{ وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا 13 } .
ذكر الله تعالى ثلاث صفات هي صفات الكمال لإنسان يعيش في وسط مجتمع يغذيه بماله وعاطفته ، ويجنب عنه السوء .
الصفة الأولى : ذكرها الله تعالى بقوله : { وحنانا } ، والحنان الشفقة والرأفة والرفق في معاملة الناس ، والفيض عليهم من حبه ، والحدب عليهم ، والواو عاطفة على { وآتيناه الحكم صبيا } ، فذلك بدا فيه منذ كان صبيا ، وهو ما أودعه الله تعالى في فطرته ، ولذا قال : { من لدنا } ، أي أن الله تعالى أعطاه تلك الصفة منه لا بتربية ولا تعليم فهو مهدى حنون شفيق بمقتضى تكوينه الفطري .
والصفة الثانية : الطهارة وذكرها الله تعالى بقوله : { وزكاة } ، أي طهارة ، وهي طهارة إيجابية فهو طاهر في نفسه ، ويفيض بطهارته على غيره ، ولذا نقول : إن ( زكاة ) تتضمن طهارة النفس ، والفيض على قومه بالصدقات ، فتكون طهارة لذاته وطهارة لمجتمعه من الموبقات ، فإن الزكاة طهارة للمجتمع .
والصفة الثالثة : التقوى وقد قال تعالى { وكان تقيا } ، أي كانت نفسه مملوءة بالتقوى وهي خوف الله تعالى ، وخوف الشر لقومه ، فكان نبيا ، وكان إنسانا كاملا سوى الخلق والنفس ، وتحققت فيه أمنية أبيه ولذا قال تعالى :
{ وبرا بوالديه ولم يكن جبّارا عصيا 14 } .