(1) ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً﴾ (سُبْحَانَ) تنزيهُ اللهِ من كلِّ سوءٍ، ووصفُه بالبراءةِ من كلِّ نقصٍ، وتكونُ (سُبْحَانَ) بمعنى التعجُّبِ، (أَسْرَى)؛ أي: سَيَّرَهُ ليلًا. و(العبدُ) هو محمدٌ صلى الله عليه وسلم ﴿مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ﴾ هو المسجدُ المحيطُ بالكعبةِ، وقيلَ: من بيتِ أُمِّ هانئ من الحرم، قالَ ابنُ عباسٍ: «الحرمُ كلُّهُ مسجدٌ» ﴿إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى﴾ هو مسجدُ بيتِ المقدسِ، وبينَهما مسيرةُ شهرٍ. وسُمِّيَ الأقصى؛ لبعدِ المسافةِ بينَهُ وبينَ المسجدِ الحرامِ، وقيل: كانَ هذا أبعدَ مسجدٍ عن أهل مكةَ في الأرض يُعَظَّمُ بالزيارةِ، وقيل: لبعدِه عن الأقذارِ والخبائثِ ﴿الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾ والبركةُ حولَه من جهتين: إحداهُما: بالنبوةِ والشرائعِ والرسلِ الذين كانوا في ذلك القطرِ في نواحيهِ وبواديه، والأُخرى: النِّعَمُ من الأشجارِ والمياهِ والأرضِ المفيدةِ التي خصَّ اللهُ الشامَ بها ﴿لِنُرِيَهُ﴾ أي: محمدًا صلى الله عليه وسلم بعينِه ﴿مِنْ آيَاتِنَا﴾ في السمواتِ والملائكةِ والجنةِ والنارِ، ولُقْيَا الأنبياءِ، وغيرِ ذلكَ ممَّا رآه تلكَ الليلةَ من العجائبِ، وذهابِه ورجوعِه في جزءٍ من ليلةٍ ﴿إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ﴾ لِما تقولون ﴿البَصِير﴾ بأفعالِكم، وعيدٌ من الله للكفارِ على تكذيبهم محمدًا صلى الله عليه وسلم في أمرِ الإسراءِ.