والتوبةُ فَرْضٌ على كلِّ مسلمٍ ، وهي الندمُ على فَارِطِ المعصيةِ ، والعَزْمُ عَلى تَرْكِ مِثلِها في المستقبل ، هذا من المتمكن ، وأما غيرُ المتمكِّنِ كالمَجْبُوبِ في الزِّنَا فالندمُ وحدَه يكفيه ، والتوبةُ عِبادَةٌ كالصَّلاَةِ ، وغيرها ، فإذا تَابَ العبدُ وَحَصَلَتْ توبتُه بشروطِها وقبلت ، ثم عَاوَدَ الذنبَ فتوبتُه الأولَى لا تفسدُها عَوْدَةٌ بل هي كسَائِرِ مَا تَحَصَّلَ من العباداتِ ، و( النَّصُوح ) بناءَ مبالغةٍ من النُّصْحِ ، أي : توبة نَصَحَتْ صَاحِبها ، وأرْشَدَتْه ، وعن عمرَ : التوبةَ النصوحُ : هي أن يتوبَ ثم لا يعودُ ولا يريدُ أن يعودَ ، وقال أبو بكر الوَرَّاق ، هي أن تَضِيقَ عليكَ الأرْضُ بما رَحُبَتْ كتوبةِ الذين خُلِّفُوا . ورُوِيَ في معنى قولِه تعالى : { يوم لا يخزي اللَّه النبي } أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم تَضَرَّعَ مَرَّةً إلى اللَّه عز وجل في أمْرِ أُمَّتِهِ ، فأوحَى اللَّه إلَيْهِ إنْ شِئْتَ جَعَلْتُ حِسَابَهُمْ إلَيْكَ ، فَقَالَ : يَا رَبِّ ، أَنْتَ أَرْحَمُ بِهِمْ ، فَقَالَ اللَّهُ تعالى : إذَنْ لاَ أُخْزِيَكَ فِيهِمْ " . وقولُه تَعَالَى : { والذين آمَنُواْ مَعَهُ } يَحْتَمِل : أن يكونَ معطوفاً عَلى النبيِّ فيخرجُ المؤمِنونَ من الخزي ، ويحتملُ : أنْ يَكُونَ مبتدأً ، و{ نُورُهُمْ يسعى } : جملةٌ هِي خبرُه ، وقولهم : { أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا } قال الحسنُ بن أبي الحسن : هو عِنْدَما يَرَوْنَ مِنِ انْطِفَاءِ نورِ المنافقين حَسْبَمَا تقدم تفسيرُه ، وقيل : يقوله من أُعْطِي منَ النور بقدر ما يَرَى موضعَ قدميه فقط ، وباقي الآية بيَّن مما تقدم في غيرِ هذا الموضع .