تفسير العز بن عبد السلام

العز بن عبد السلام القرن السابع الهجري
Add Enterpreta Add Translation

page 1

بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ١

مكية أو مدنية .

قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " هي أم القرآن ، وهي فاتحة الكتاب ، وهي السبع المثاني " سميت الفاتحة ، لأنها يُفتح بها القرآن تلاوة وخطاً [ و ] أم القرآن :

لتقدمها عليه ، وتبعه لها ، كراية الحرب أم لتقدمها على الجيش ، وما مضى من عمر الإنسان أم لتقدمه مكة أم القرى لتقدمها على سائر القرى ، أو لأن الأرض دحيت عنها ، وحدثت عنها كالولد يحدث عن أمه . وهي سبع آيات اتفاقاً .

[ وسميت ] المثاني [ لأنها ] تثنى في كل صلاة فرض أو تطوع .

{ بسم الله } أبدأ بسم الله ، أو بدأت بسم الله ، الاسم صلة ، أو ليس بصلة عند الجمهور ، واشتق من السمة ، وهي العلامة ، أو من السمو .

{ الله } أخص أسماء الرب لم يتسم به غيره { هل تعلم له سميا } [ مريم : 65 ] تسمى باسمه ، أو شبيها . أبو حنيفة : " هو الاسم الأعظم " وهو علم إذ لا بد للذات من اسم علم يتبعه أسماء الصفات ، أو هو مشتق من الوله لأنه يأله إليه العباد : أي يفزعون إليه في أمورهم ، فالمألوه إليه إله ، كما أن المأموم [ به ] إمام ، أو اشتق من التأله وهو التعبد ، تأله فلان : تعبد ، واشتق من فعل العبادة فلا يتصف به في الأزل ، أو من استحقاقها على الأصح فيتصف به أزلاً

{ الرحمن الرحيم } الرحمن والرحيم الراحم ، أو الرحمن أبلغ ، وكانت الجاهلية تصرفه للرب سبحانه وتعالى الشنفري :

( ألا ضربت تلك الفتاة هجينها *** ألا هدر الرحمن ربي يمينها ) ولما سُمي مسيلمة بالرحمن قُرن لله تعالى الرحمن الرحيم ، لأن أحداً لم يتسم بهما ، واشتقا من رحمة واحدة ، أو الرحمن من رحمته لجميع الخلق ، والرحيم من رحمته لأهل طاعته ، أو الرحمن من رحمته لأهل الدنيا والرحيم من

رحمته لأهل [ الآخرة ] ، أو الرحمن من الرحمة التي يختص بها ، والرحيم من الرحمة التي يوجد في العباد مثلها .

ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ٢

{ الحمد } الثناء بجميل الصفات والأفعال والشكر والثناء بالإنعام ، فالحمد أعم ، الرب : المالك كرب الدار أو السيد ، أو المدبر كربة البيت ، الربانيون يدبرون الناس بعلمهم ، أو المربى ، ومنه الربيبة ابنة الزوجة ، { العالمين } جمع عالم لا واحد له من لفظه ، كرهط وقوم ، أخذ من العلم ، فيعبر به عمن يعقل من الجن والإنس والملائكة ، أو من العلامة ، فيكون لكل مخلوق ، أو هو الدنيا وما فيها ، أو كل ذي روح من عاقل وبهيم ، وأهل كل زمان عالم .

ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ٣
مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ٤

{ مُلك } { مالك } أخذا من الشدة ، ملكت العجين عجنته بشدة ، أو من القدرة . ( ملكت بها كفي فأنهرت فتقها *** )

فالمالك من اختص ملكه ، والملك من عم ملكه ، وملك يختص بنفوذ الأمر ، والمالك يختص بملك الملوك ، والملك أبلغ لنفوذ أمره على المالك ، ولأن كل ملك مالك ولا عكس ، أو المالك أبلغ لأنه لا يكون إلا على ما يملكه ، والملك يكون على من لا يملكه كملك الروم والعرب ، ولأن الملك يكون على الناس وحدهم والمالك يكون مالكاً للناس وغيرهم ، أو المالك أبلغ في حق الله تعالى من ملك ، وملك أبلغ في الخلق من مالك ، إذ المالك من المخلوقين قد يكون غير ملك بخلاف الرب سبحانه وتعالى . { يوم } أوله الفجر ، وآخره غروب الشمس ، أو هو ضوء يدوم إلى انقضاء الحساب . { الدين } الجزاء أو الحساب ، ويستعمل الدين في العادة والطاعة ، وخص الملك بذلك اليوم إذ لا ملك فيه سواء ، أو لأنه قصد ملكه للدنيا بقوله { رب العالمين } فذكر ملك الآخر ليجمع بينهما .

إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ٥

{ إياك } الخليل : إيا : اسم مضاف إلى الكاف ، الأخفش إياك : كلمة واحدة ، لأن الضمير لا يضاف . { نعبد } العبادة : أعلى مراتب الخضوع تقرباً ، ولا يستحقها إلا الله -تعالى- ، لإنعامه بأعظم النعم ، كالحياة والعقل

والسمع والبصر ، أو هي لزوم الطاعة ، أو التقرب بالطاعة ، أو المعنى " إياك نؤمل ونرجوا " مأثور والأول أظهر { نستعين } على عبادتك أو هدايتك أمروا بذلك كما أمروا بالحمد له ، أو أخبروا .

ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ٦

{ اهدنا } : دلنا ، أو وفقنا { الصراط } السبيل المستقيم أو الطريق الواضح ، مأخوذ من مسرط الطعام وهو ممره في الحلق ، طلبوا دوام الهداية ، أو زيادتها ، أو الهداية إلى طريق الجنة في الآخرة ، أو طلبوها إخلاصاً للرغبة ، ورجاء ثواب الدعاء ، فالصراط : القرآن ، أو الإسلام أو الطريق الهادي إلى دين الله ، أو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر [ رضي الله عنهما ] أو طريق الحج أو طريق الحق . { الذين أنعمت عليهم } : الملائكة أو الأنبياء ، أو المؤمنون بالكتب السالفة أو المسلمون أو النبي ومن معه .

صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ٧

{ المغضوب عليهم } : اليهود ، والضالون : النصارى . اتفاقاً خُصت اليهود بالغضب لشدة عداوتها ، والغضب هو المعروف من العباد ، أو إرادة الانتقام ، أو ذمة لهم ، أو نوع من العقاب سماه غضباً كما سمى نعمته رحمة .