تفسير القرآن للمراغي

المراغي القرن الرابع عشر الهجري
Add Enterpreta Add Translation

صفحة 434

مَّا يَفۡتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحۡمَةٖ فَلَا مُمۡسِكَ لَهَاۖ وَمَا يُمۡسِكۡ فَلَا مُرۡسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعۡدِهِۦۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ ٢

( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم( ( فاطر : 2 ) .

المعنى الجملي : بعد أن وصف سبحانه نفسه بالقدرة الكاملة والإرادة النافذة- أيد ذلك بما يشاهده كل أحد في نفسه من الضيق حينا والسعة حينا آخر ، مع العجز عن دفع البؤس إن وجد ، وجلب النعمة لو أراد .

تفسير المفردات :

يفتح : يعطي ، ورحمة : أي نعمة حسية كانت أو معنوية ، كرزق وصحة وأمن وعلم وحكمة ، إلى نحو ذلك مما لا يحاط به .

الإيضاح :

مفاتيح الخير ومغاليقه كلها بيده سبحانه ، فما يعط من خير فلا يستطيع أحد منعه ولا إمساكه ، وأي خير يمسكه فلا يبسطه ولا يفتحه لهم فاتح ، لأن الأمور كلها بيده ، ومنه البذل والعطاء ، والمنع والإمساك .

وهو الغالب على كل ما يشاء من الأمور التي منها الفتح والإمساك ، وهو الحكيم الذي يفعل كل ما يفعل بحسب ما تقتضيه الحكمة والمصلحة .

وفي الآية عظة للناس بالإقبال إلى ربهم والتوجه إليه في قضاء حاجاتهم ، والتوكل عليه في جميع مآربهم ، والإعراض عما سواه من جميع خلقه .

ونحو الآية قوله : ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله( ( يونس : 107 ) .

روى أحمد بن المغيرة بن شعبة أنه قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا انصرف من الصلاة : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " .

وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع يقول : " سمع الله لمن حمده ، اللهم ربنا لك الحمد ملء السماء والأرض ، وملء ما شئت من شيء بعد اللهم أهل الثناء والمجد ، أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد : اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " .

وأخرج ابن المنذر عن عامر بن عبد قيس قال : أربع آيات من كتاب الله إذا قرأتهن فما أبالي ما أصبح عليه وأمسي : ( 1 ) ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده( ( 2 ) ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله( ( يونس : 107 ) ، ( 3 ) ( سيجعل الله بعد عسر يسرا( ( الطلاق : 7 ) . ( 4 ) ( وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها( ( هود : 6 ) .