قوله تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصا . . . } ( [368] ) [ الإسراء : 1 ] .
قال " بعبده " دون نبيّه أو حبيبه ، لئلا تضلّ به أمّته ، كما ضلّت أمة المسيح ، حيث دعته إلها .
أو لأن وصفه بالعبودية ، المضافة إلى الله تعالى أشرف المقامات ، وقال " ليلا " مُنكَّرا ، ليدلّ على قصر زمن الإسراء ، مع أن بين مكة وبيت المقدس ، مسيرة أربعين ليلة ، لأن التنكير يدلّ على البعضيّة .
والحكمة في إسرائه صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس ، دون مكة ، لأنه محشر الخلائق ، فيطؤه بقدمه ليسهل على أمته يوم القيامة ، وقوفهم ببركة أثر قدمه .
أو لأنه مجمع أرواح الأنبياء ، فأراد الله أن يشرّفهم بزيارته صلى الله عليه وسلم .
أو أُسري به منه ، ليشاهد من أحواله وصفاته ، ما يُخبر به كفار مكة( [369] ) ، صبيحة تلك الليلة ، فيكون إخباره بذلك مطابقا لما رأوا ، وشاهدا ودليلا على صدقه في الإسراء .
قوله تعالى : { الذي باركنا حوله . . . } [ الإسراء : 1 ] .
هو أعمّ من أن يقال : باركنا عليه ، أو فيه ، لإفادته شمول البركة ، لما أحاط بالمسجد من أرض الشام بالمنطوق ، وللمسجد بمفهوم الأولى .