قوله : [67295] { والذين آمنوا بالله ورسله } إلى قوله : { فإن الله الغني الحميد } الآيات [ 18-23 ] .
أي والذين أقروا بوحدانية الله وإرساله رسله ، وصدقوا الرسل { أولئك هم الصدقون } أي : الذين كثر صدقهم وتصديقهم .
ثم قال : { والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم } أي : لهم أجر أنفسهم ونور أنفسهم .
ومذهب ابن عباس ومسروق والضحاك أن " الشهداء " منفصل من " الصديقين " منقطع منه [67296] .
وروى البراء بن عازب [67297] قال سمعت النبي صلى الله يقول : مؤمنو أمتي شهداء ، ثم تلا النبي صلى الله عليه وسلم [67298] هذه الآية [67299] .
فهذا يدل على أنه متصل بالصدقين ، أي : أولئك هم الصديقون والشهداء [67300] عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ، أي : أجر الشهداء ، ونورهم : أي : للمؤمنين أي : من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أجر الشهداء ونورهم .
وروى سعيد [67301] عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال : كلكم صديق وشهيد فقيل له انظر ماذا [67302] تقول يا أبا هريرة ، فقال اقرأوا هذا الآية فذكرها [67303] .
وروي أن رجلا من قضاعة جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله ، وصليت الصلوات الخمس وصمت شهر رمضان ، وآتيت الزكاة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم [67304] من كان على هذا كان من الصدقين والشهداء [67305] .
وعن ابن عباس أنه قال يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كل مؤمن صديق ، ويزكي الله بالقتل من يشاء [67306] ثم تلا هذه الآية [67307] .
قال مجاهد : هو متصل ، وكل مؤمن شهيد [67308] .
وروي ذلك عن ابن عمر ، روي عنه أنه/ قال في حديث له . والرجل يموت على فراشه هو شهيد ، وقرأ [67309] هذه الآية [67310] .
وقيل " الشهداء " في هذا الموضع : النبيون [67311] الذين يشهدون على أممهم وهو قوله تعالى : { فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا } [67312] .
هذا قول الفراء [67313] ، والقول الأول هو اختيار الطبري ، ويكون [67314] تمام الكلام : " الصديقون " [67315] .
ثم يبتدئ الإخبار عن الشهداء ، وإنما سمي المقتول في سبيل الله عز وجل [67316] شهيدا ، لأنه يشهد له بالجنة [67317] .
وقيل سمي شهيدا [67318] لأنه يشهد عند الله على الأمم . قال تعالى { وتكونوا شهداء على الناس } [67319] .
وقال مجاهد : سمي المؤمن شهيدا ، لأنه يشهد عند الله على نفسه بالإيمان [67320] .
ثم قال : { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم } .
أي جحدوا ما أنزل الله عز وجل [67321] وكذبوا بالقرآن هم أصحاب النار .