الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب

مكي ابن أبي طالب القرن الخامس الهجري

صفحة 454

ٱصۡبِرۡ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذۡكُرۡ عَبۡدَنَا دَاوُۥدَ ذَا ٱلۡأَيۡدِۖ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ ١٧

هذا قوله تعالى ذكره : { إصبر على ما يقولون } – إلى قوله – { وقليل ما هم[58106] } منسوخ بالأمر بالقتال ، أمر الله جل ذكره نبيه صلى الله عليه وسلم بالصبر على قول المشركين والاحتمال منهم ، وقد علم تعالى أنه سيأمره بقتالهم في وقت آخر ، فينسخ الآخر الأول[58107] .

ثم قال : { واذكر عبدنا داوود ذا الأيد } أي : ذا[58108] القوة والبطش الشديد في ذات الله عز وجل والصبر على طاعته[58109] .

يقال : أيد وآد للقوة ، كما يقال : العيب والعاب[58110] .

قال قتادة : أعطي داود قوة في العبادة وفقها في الإسلام ، وذُكر أنه كان يقوم الليل ويصوم نصف الدهر[58111] .

وقوله : { إنه أواب } ، أي : رَجَّاعٌ عما يكره الله عز وجل إلى ما يرضاه[58112] أواب[58113] وهو فعَّال للتكثير من آب يئوب إذا رجع .

قال مجاهد : أواب : رجاع عن الذنوب[58114] .

قال قتادة : كان مطيعا لله عز وجل كثير الصلاة[58115] .

وقال السدي : الأوَّاب : المسبح[58116] .

ويروى أنه قام ليلة إلى الصباح فكأنه أعجب بذلك فقيل[58117] لضفدع كلميه في أصل محرابه ، فقالت له : يا داود ، تعجب لقيام[58118] ليلة ! هذا مقامي منذ عشرين سنة شكرا لله عز وجل حين سلم/ بيضي .

قال وهب[58119] : كان داود قد قسم الدهر أثلاثا ، فيصير : يوم للعبادة ، ويوما للقضاء بين الناس ، ويوما لقضاء حوائج أهله[58120] .