تفسير القرآن للمراغي

المراغي القرن الرابع عشر الهجري
Add Enterpreta Add Translation

صفحة 435

وَٱللَّهُ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٖ ثُمَّ مِن نُّطۡفَةٖ ثُمَّ جَعَلَكُمۡ أَزۡوَٰجٗاۚ وَمَا تَحۡمِلُ مِنۡ أُنثَىٰ وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلۡمِهِۦۚ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٖ وَلَا يُنقَصُ مِنۡ عُمُرِهِۦٓ إِلَّا فِي كِتَٰبٍۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ ١١

كلام للمؤلف في آيات المقطع له صلة: الآية 9

تفسير المفردات :

أزواجا : أي أصنافا ذكرانا وإناثا ، يعمر من معمر أي يمد في عمر أحد ، في كتاب : أي في صحيفة المرء .

الإيضاح :

ثم ذكر دليلا على صحة البعث بما يرى في الأنفس فقال :

( والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا( أي والله خلق الناس من النطفة ، والنطفة من الغذاء ، والغذاء ينتهي آخرا إلى الماء والتراب ، فهم من تراب صار نطفة ، ثم جعلهم أصنافا ذكرانا وإناثا بقدر معلوم بحيث يكاد الفريقان يستويان عددا ، ولو لم يكن كذلك لفني الإنسان والحيوان ، إذ حفظ النوع لا يتم إلا بتلك المساواة على وجه التقريب ، ولا تكون المساواة إلا بتدبير وعلم ، وإلى ذلك أشار بقوله :

( وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه( أي ولا تحمل الأنثى ولا تضع إلا وهو عليم بذلك لا يخفى عليه ، ولو لم يكن كذلك وكانت المصادفة العمياء هي صاحبة السلطان في هذا العالم ، لم يتم التوازن في العدد بين الزوجين فيفنى الإنسان والحيوان .

ونحو الآية قوله : ( الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار8 عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال( ( الرعد : 8-9 ) .

( وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب( أي لا أحد يقضى له بطول العمر إلا وهو بالغ ما قدر له ، لا يزيد على ذلك ولا ينقص منه ، ولا أحد مقدر له قصر العمر بزائد على ما قدر له في الكتاب الذي كتب له ، وذلك لحفظ الموازين في الأرض حتى ينتظم العمران ، ولو لم يكن على هذا النحو لاختلط الحابل بالنابل ، وساء حال الكون ، إذ يكثر الناس وتزدحم الأرض ويشتد الكرب ، ومن ثم تفاوتت الأعمار في جميع الأمصار وكانت بمقدار ، واعتدل النظام بالمرض والموت ، والوباء والحرب .

( إن ذلك على الله يسير( أي إن ذلك النظام البديع للعالم- هين على الله لعلمه الشامل ، وعدم خفاء شيء عليه .