كلام للمؤلف في آيات المقطع له صلة: الآية 11
ثم حكى نوعاً ثالثاً من شبهاتهم فقال : { وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قال الذين لا يرجون لقاءنا } أي لا يؤمنون بالمعاد لأن كل من كان مؤمناً بالنشور فإنه يرجو ثواب الله ويخاف عقابه ، وانتفاء اللازم دليل انتفاء الملزوم . طلبوا من الرسول أحد أمرين : إما الإتيان بقرآن غير هذا القرآن مع بقاء هذا القرآن على حاله ، إما تبديل هذا القرآن بنسخ بعض الآيات ووضع أخرى في مكانها . فأمره الله تعالى أن يقول في جوابهم { ما يكون لي } أي ما ينبغي وما يحل { أن أبدله من تلقاء نفسي } من قبل نفسي فنفى عن نفسه أحد القسمين الذي هو أسهل وأقل ليلزم منه نفي الأصعب الأكثر بالطريق الأولى . ثم أكد الجواب بقوله : { إن أتبع } أي ما أتبع { إلا ما يوحى إلي } إن نسخت آية تبعت النسخ وإن بدلت آية مكان آية تبعت التبديل . وقد تمسك بهذا نفاة القياس ونفاة جواز الاجتهاد . وأجيب بأن رجوعهما أيضاً إلى الوحي . ونقل عن ابن عباس أن قوله : { إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم } منسوخ بقوله : { ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } [ الفتح : 2 ] وضعف بأن النسخ إنما يكون في الأحكام والتعبدات لا في ترتيب العقاب على المعصية . قال المفسرون : هذا الالتماس منهم يحتمل أن يكون على سبيل السخرية . فقد روى مقاتل والكلبي أنهم خمسة نفر من مشركي مكة وهم المستهزؤون في قوله : { إنا كفيناك المستهزئين } [ الحجر : 95 ] . ويحتمل أن يكون على سبيل التجربة والامتحان حتى إنه إن فعل ذلك علموا أنه كاذب ، أو أرادوا أن هذا القرآن مشتمل على ذم آلهتهم فطلبوا قرآناً آخر لا يكون كذلك .