سورة الطارق
في السورة توكيد للبعث وتدليل عليه بقدرة الله على خلق الإنسان للمرة الأولى . وإنذار للسامعين بأن أعمالهم محصاة عليهم . ووعيد للكفار وتطمين للنبي عليه السلام ، وأسلوبها عام مطلق .
( 1 ) الطارق : الذي يجيء ليلا .
بسم الله الرحمان الرحيم
{ والسماء والطارق1 ( 1 ) وما أدراك ما الطارق( 2 ) النجم الثاقب2( 3 ) إن كل نفس لما3 عليها حافظ( 4 ) فلينظر الإنسان مم خلق( 5 ) خلق من ماء دافق( 6 ) يخرج من بين الصلب والترائب4( 7 ) إنه على رجعه لقادر( 8 ) يوم تبلى5 السرائر6 ( 9 ) فما له من قوة ولا ناصر( 10 ) } [ 1-10 ] .
في الآيات الأربع الأولى قسم بالسماء والنجم الثاقب الطارق بالليل ، ذي الخطورة بين النجوم : بأن كل نفس عليها رقيب وحافظ يحصيان عملها ويرقبانه . وفي الآيات الأربع التالية تدليل على قدرة الله تعالى على بعث الإنسان لمحاسبته على عمله . فالله الذي خلقه من ماء يندفق من بين الصلب والترائب قادر على إعادة خلقه . وجملة { فلينظر الإنسان } قد تفيد أن ما ذكر مما كان يعرفه السامعون ويتصورونه . وبذلك تستحكم الحجة عليهم . أما الآيتان الأخيرتان فقد احتوتا خبر ما يكون من أمر الإنسان يوم البعث . ففي ذلك اليوم تظهر أعمال الناس وتنكشف سرائرهم ويواجهون الله عز وجل منفردين لا قوة تدفع عنهم ولا ناصر ينصرهم .
وقد انطوى في الآيتين الأخيرتين : أن الناس ليس لهم في الآخرة إلا أعمالهم المحصاة ، فمن كانت أعماله صالحة نجا ، ومن كانت أعماله سيئة هلك . وقد تضمنتا نتيجة لذلك إنذارا للسامعين ليتقوا هول ذلك اليوم بالاستجابة إلى دعوة الله والإيمان به وعمل الأعمال الصالحة ، واجتناب الأعمال السيئة .
ولقد تعددت الأقوال في المقصود من كلمة { حافظ } فقيل : إنه الله عز وجل الذي هو الرقيب على كل نفس المحصي عليها عملها وأوردوا للتدليل على ذلك آية سورة الأحزاب هذه : { وكان الله على كل شيء رقيبا52 }[0] وقيل إنه الملك الموكل بإحصاء أعمال الناس[1] . وقيل : إنه حافظ يحرس الناس من الآفات وأوردوا للتدليل على ذلك آية سورة الرعد هذه : { له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله }[2] [ 11 ] والقول الأخير غريب فيما هو المتبادر . وروح السياق يلهم أن المقصود هو إيذان السامعين بأن أعمالهم محصاة عليهم لمحاسبتهم عليها في الآخرة .