{ لقد رأى } أي لقد رأى محمد صلى الله عليه وسلم { من آيات ربه الكبرى } مفعول فرأى ومن آيات ربه حال منه مقدم عليه ومن للتبعيض يعني والله لقد رأى محمد الكبرى من آيات ربه وجاز أن يكون من زائدة وآيات ربه مفعول به الكبرى صفة لها ، وجاز أن يكون المفعول محذوفا تقديره لقد رأى شيئا من آياته ربه الكبرى والمراد بالآيات العجائب الملكوتية التي رأها في ليلة المعراج في مسيرة وعوده من البراق والسماوات والأنبياء والملائكة والسدرة المنتهى وجنة المأوى روى مسلم عن عبد الله ابن مسعود قال : { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } قال رأى جبرائيل في صورته له ستمائة جناح[4727] وروى البخاري عنه { لقد رأى من آيات ربه الكبرى } قال رأى رفرفا أخضر سد الأفق[4728] وإنما وصف تلك الآيات بالكبرى لتجليات مخصوصة في تلك الآيات وكونها مهبط الرحمة والبركة وإلا فكل ممكن آية كبرى على وجود صانعه ودليل واضح مكتفي لا يحقر منها شيء قال الله تعالى : { إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له } [4729] فإن قيل هذه الآية تؤيد قول من قال أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما رأى مرتين جبرائيل عليه السلام دون الله سبحانه لأن رؤية الآيات غير رؤية الذات ؟ قلنا رؤية الآيات لا ينافي رؤية الذات بل الآيات قد يجلى فيه الذات كما أن الشمس يتجلى في المرآة . فإن قيل قد ذكرت في تفسير قوله تعالى : { وما طغى } يعني ما جاوز بصره عن المحبوب على غيره فكيف يتصور رؤية الآيات ؟ قلت : المقصود من رؤية الآيات إنما هي الذات ومن ثم تكون الآيات مرآة للذات فحين رأى الآيات جاوز نظره عنها إلى الذات وحين رأى الذات لم يتجاوز عنه إلى غيره أصلا .