كلام للمؤلف في آيات المقطع له صلة: الآية 9
تفسير المفردات :
العزة : أي الشرف والمنعة من قولهم أرض عزاز : أي صلبة ، والكلم الطيب : هو التوحيد أو الذكر أو قراءة القرآن ، وصعوده إلى الله : قبوله والعمل الصالح : هو ما كان بإخلاص ، يرفعه : أي يقبله ، يمكرون : أي يعملون على وجه المكر والخديعة ، والسيئات : المكرات السيئات كأن يراؤوا المؤمنين في أعمالهم يوهمونهم أنهم في طاعة الله ، يبور : أي يفسد من البوار وهو الهلاك .
الإيضاح :
( من كان يريد العزة فلله العزة جميعا( أي من كان يود أن يكون عزيزا في الدنيا والآخرة فليلزم طاعة الله تعالى ، فإن بها تنال العزة إذ الله العزة فيهما جميعا .
( إليه يصعد الكلم الطيب( أي إنه سبحانه يقبل طيب الكلام كالتوحيد والذكر وقراءة القرآن ، ومن الذكر : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر .
( والعمل الصالح يرفعه( صلاح العمل بالإخلاص فيه ، وما كان كذلك قبله الله وأثاب عليه ، وما لا إخلاص فيه فلا ثواب عليه بل عليه العقاب ، فالصلاة والزكاة وأعمال البر إذا فعلت مراءاة للناس لا يتقبلها الله كما قال سبحانه : ( فويل للمصلين4 الذين هم عن صلاتهم ساهون5 الذين هم يراءون 6ويمنعون الماعون( ( الماعون : 4-7 ) .
وروي عن ابن عباس أنه قال : الكلام الطيب ذكر الله ، والعمل الصالح أداء فرائضه . وعن الحسن وقتادة : لا يقبل الله قولا إلا بعمل ، من قال وأحسن قبل الله منه .
والخلاصة : إن القول إذا لم يصحبه عمل لا يقبل ، وأنشدوا :
لا ترض من رجل حلاوة قوله *** حتى يزين ما يقول فعال
وإذا وزنت فعاله بمقاله *** فتوازنا فإخاء ذاك جمال
وقال ابن المقفع : قول بلا عمل كثريد بلا دسم ، وسحاب بلا مطر ، وقوس بلا وتر .
وبعد أن ذكر أن العمل الصالح يصعد إلى الله ، ذكر أن المرائين لا يتقبل منهم عمل ، ولهم عذاب شديد عند ربهم قال :
( والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد( أي والذين يمكرون المكر السيء بالمسلمين ، بأن يعملوا كل ما يكون سببا في ضعف الإسلام والحط من قدره حتى يمحي أثره من الوجود ، كما فعلت قريش في دار الندوة ، إذ تدارست الرأي في شان النبي صلى الله عليه وسلم بحبسه أو قتله أو إجلائه من مكة - لهم العذاب الشديد يوم القيامة .
( ومكر أولئك هو يبور( أي ومكر هؤلاء المفسدين يظهر زيفه عن قريب لأولي البصائر ، فإنه ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله تعالى على صفحات وجهه وفلتات لسانه ، وما أسر أحد سريرة إلا كساه الله رداءها إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، فالمرائي لا يروج أمره ولا يتفق إلا على غبي ، أما المؤمنون المتفرسون فلا يروج ذلك عليهم ، بل ينكشف عن قريب ، ويجازون عليه أشد الخزي والهوان .