سورة فاطر --- سورة الملائكة
آيها خمس وأربعون
هي مكية نزلت بعد سورة الفرقان .
ومناسبتها لما قبلها : إنه لما ذكر سبحانه في آخر سابقتها هلاك المشركين وإنزالهم منازل العذاب- لزم المؤمنين حمده تعالى وشكره كما جاء في قوله : ( فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين( ( الأنعام : 45 ) .
بسم الله الرحمن الرحيم
( الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير( ( فاطر : 1 ) .
تفسير المفردات :
فطر الشيء : أوجده على غير مثال سابق ، رسلا : أي وسائط بينه وبين أنبيائه يبلغون عنه رسالاته ، مثنى وثلاث ورباع : أي اثنين اثنين وثلاثة ثلاثة وأربعة أربعة .
الإيضاح :
( الحمد لله فاطر السماوات والأرض( أي له سبحانه الشكر ، فقد أبدع خلق السماوات والأرض وما بينهما على غير مثال سابق وأحكم تدبيرهما على أتم نظام ، كما قيل ليس في الإمكان أبدع مما كان .
( جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع( أي جاعل الملائكة وسائط بينه وبين أنبيائه يبلغون إليهم رسالاته- ذوي أجنحة إما اثنين اثنين ، وإما ثلاثة ثلاثة ، وإما أربعة أربعة .
والأجنحة في العالم المادي تساعد على الطيران وكثرتها تومئ إلى السرعة ، وهي في عالم الأرواح ترشد إلى القدرة على السرعة في تنفيذ أوامر الله وتبليغ رسالات ربهم إلى أنبيائه .
وفي هذا إيماء إلى أن الملائكة تتفاوت أقدارهم وقواهم عند الله تعالى بحسب استعدادهم الروحي . وفي صحيح مسلم عن ابن مسعود " أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل في صورته له ستمائة جناح " وفي هذا رمز إلى قوة استعداده الروحي وقربه من الملأ الأعلى وسرعة تنفيذه ما يؤمر به .
( يزيد في الخلق ما يشاء( أي يزيد في خلق الأجنحة ما يشاء ، كما يزيد في أرجل الحيوان ما يشاء حتى لقد تبلغ فوق العشرين أحيانا ، وهكذا يزيد في تفاوت العقول والنفوس والقوى المادية والمعنوية كما قيل :
والناس ألف منهم كواحد *** وواحد كالألف إن أمر عنا
ثم ذكر ما هو كالدليل لما سبق بقوله :
( إن الله على كل شيء قدير( فيزيد كل ما هو أهل للزيادة وما هو مستعد لها ، حسية كانت أو معنوية ، فلا يمتنع عليه فعل شيء أراده ، لما له من القدرة والسلطان على كل شيء .