تفسير المفردات :
أرسل : أي أطلق وأوجد من العدم ، تثير : أي تحرك ،ميت وميّت : بمعنى قاله محمد بن زيد وأنشد :
ليس من مات فاستراح بميت *** إنما الميت ميّت الأحياء
إنما الميت من يعيش كئيبا *** كاسفا باله قليل الرجاء
ويرى بعضهم أن الميت بالتخفيف هو الذي مات ، والميّت بالتشديد ، والمائت هو الذي لم يمت بعد وأنشد :
ومن يك ذا روح فذلك ميّت *** وما الميت إلا من إلى القبر يحمل
والمراد أنه لا نبات فيه ، والنشور : إحياء الأموات يقال نشر الله الميت وأنشره أي أحياه .
الإيضاح :
( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور( أي أفلا تتدبرون وتعقلون فتعلموا أن من أوجد الرياح بعد أن لم تكن ، ثم جعلها تسير السحاب الثقال ، فتنزل منها الغيث إلى الأرض الجرز التي لا نبات بها ، فتحيا بعد أن كانت ميتة وتهتز وتربو وتنبت كل زوج بهيج- أفليس ذلك القادر الحكيم الذي أحيا ميت الأرض بقادر على أن يحي الموتى بعد بلاها ، وبعد أن كانت عظاما نخرة ؟ إنه على كل شيء قدير .
وعن أبي رزين قال : " قلت يا رسول الله كيف يحيي الله الموتى ؟ وما آية ذلك في خلقه ؟ قال صلى الله عليه وسلم " يا أبا رزين أما مررت بوادي قومك ممحلا ، ثم مررت به يهتز خضرا ؟ " قلت : بلى ، قال صلى الله عليه وسلم : " فكذلك يحيي الله الموتى " .( والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور9 من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور 10 والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على الله يسير( ( فاطر : 9-11 ) .
المعنى الجملي : بعد ان ذكر عز اسمه أن الكافرين لهم عذاب شديد يوم القيامة ، وأن الذين يعملون الصالحات لهم أجر كبير عند ربهم في ذلك اليوم- أردف ذلك بيان أن هذا اليوم لا ريب فيه ، وضرب المثل الذي يدل على تحققه لا محالة ، ثم ذكر أن من يريد العزة فليطع الله ورسوله ، ولا يتعزز بعبادة الأصنام والأوثان كما أخبر الله عنهم ( واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا( ( مريم : 81 ) وأن العمل الطيب يرفع إلى الله ويحفظ لديه ويجازي عليه ، ثم أعقب ذلك بأن من يمكر بالمؤمنين ويريد خداعهم فالله يفسد عليه تدبيره ويجازيه بما عمل شر الجزاء ، وبعد أن ذكر دليل البعث بما يشاهده في الآفاق من دلائل القدرة ، ذكر دليلا عليه بما يرى في الأنفس من اختلاف أطوارها ، فقد كانت ترابا ثم نطفة ثم وضعت في الأرحام إلى أن صارت بشرا سويا ، ومنها ما يمد في عمرها ، ومنها ما يخترم قبل ذلك ، كما تدل عليه المشاهدة ، وكل ذلك يسير على الله .