أجاب الله تعالى زكريا بقوله :
{ قال كذلك قال ربك هو عليّ هيّن وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا 9 } .
{ كذلك } خبر لمبتدأ محذوف تقديره مثلا الأمر كذلك ، وقائل هذا هو الملك الذي تولى الوحي بين زكريا وربه ، أي قال الملك : الأمر كذلك ، فقد قدره الله تعالى ، وأحكم ما قدر ، ثم نقل عن الله تعالى قوله : { قال ربك هو علي هين } وعبر ب { ربّك } للإشارة إلى أنه خالقه ومربيه والقائم على كل أموره ، وأنه لا غرابة في أن يكون هذا من الحي القيوم { هو علي هين } ، الضمير { هو } يعود إلى { غلام } في قوله ، { أنّى يكون لي غلام } وهو يعود إلى الولد مع وجوب هذه الأحوال التي تجعله قريبا ، و{ هين } ، أي سهل لين لا يثير عجبا ولا استغرابا ، و{ هين } تشير إلى أنه لا غرابة فيه ، ثم ساق سبحانه بعد ذلك ما يدل على قربه ، فقال سبحانه : { وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا } ، وهذه مقدمة قياسية تزيل الغرابة وتبين أنه لا غرابة على قدرة الله تعالى ، وتقديره هذه المقدمة هكذا .
وقد خلقتك من قبل هذا ولم تك شيئا ، لأني خلقتك من عدم لا بعد شيء ، وإذا كان ذلك ممكنا وواقعا وقد وقع فبالأولى يكون الخلق من شيء ، وإن كان من أب شيخ وأم عاقر فهما شيء ، والخلق من شيء أقرب في الوجود من الخلق من عدم .