الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب

مكي ابن أبي طالب القرن الخامس الهجري
Add Enterpreta Add Translation

صفحة 1

ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ٣

قوله : ( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )[ 2 ] .

قد تقدم الكلام عليه في التسمية . وإنما كرر ، وقد تقدم ذكره في التسمية ، لأن الأول ليس بآية من الحمد ، وهذا آية ، فلذلك وقع التكرير في آيتين متجاورتين . وهذا مما يدل على أن ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) ليس بآية من الحمد ، إذ لو كانت آية كما يقول المخالف لكنا قد أتينا بآيتين متجاورتين متكررتين بمعنى ، وهذا لا يوجد في كتاب الله جل ذكره إلا بفصول تفصل( [318] ) بين الأولى والثانية ، أو بكلام يعترض( [319] ) بين الأولى والثانية( [320] ) .

- فإن قيل : قد فصل في هذا ب( الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِينَ ) .

- فالجواب إن " الرحمن الرحيم " في الحمد مؤخر يراد به التقديم ، وإنما تقديره : " الحمد لله الرحمن الرحيم رب العالمين " ، فلا فاصل بين " الرحمن الرحيم " الأول( [321] ) والثاني . فإن كان ذلك كذلك ، دل على أن التسمية ليست بآية من الحمد إذ لا نظير لها في كتاب الله جل ذكره ، وإنما حكمنا على أن المراد " بالرحمن الرحيم " / في " الحمد " التقديم( [322] ) ، لأن قوله : ( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) مثل قوله : ( رَبِّ الْعَالَمِينَ ) في المعنى ، لأن معناه أنه إخبار من الله/ أنه يملك/ يوم الدين ، و( رَبِّ الْعَالَمِينَ ) هو إخبار من الله أنه( [323] ) يملك العالمين فاتصال الملك بالملك أولى( [324] ) في الحكمة ومجاورة صفته بالرحمة صفته بالحمد والثناء أولى . فكل واحد مرتبط إلى نظيره في المعنى فدل على أن ( الرَّحْمَانِ الرَّحِيمِ ) في " الحمد لله " متصل به ، يراد به التقديم . و( مَلِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) متصل ب( رَبِّ الْعَالَمِينَ ) إذ هو نظيره في المعنى ، وذلك أبلغ في الحكمة . والتقديم والتأخير كثير في القرآن( [325] ) .