ثم قال : { هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم } [ 3 ] : أي : هو الأول قبل كل شيء بغير حد ، والآخر بعد كل شيء بغير نهاية ، وهو الظاهر على كل شيء ، فكل شيء دونه ، وهو العالي فوق كل شيء ، فلا شيء أعلا[67126] منه ، والباطن في جميع الأشياء ، فلا شيء أقرب إلى شيء منه ، كما قال : { ونحن أقرب إليه من حبل الوريد }[67127] يعني القرب بعلمه وقدرته وهو فوق عرشه[67128] .
قال قتادة : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم[67129] بينما هو جالس في أصحابه إذ ثار عليهم سحاب ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل تدرون ما هذا ، قالوا الله ورسوله أعلم ، قال : هذا العنان ، هذ/راوي الأرض ( يسوقه )[67130] الله إلى قوم لا يشكونه ولا يرجونه[67131] : ثم قال : هل تدرون ما التي فوقكم ؟ قالوا الله ورسوله أعلم . قال : فإنها الرقيع موج مكفوف وسقف محفوظ ، قال فهل تدرون كم بينكم وبينها ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ، قال مسيرة خمس مائة عام قال[67132] هل تدرون ما فوق ذلك ، ( قالوا مثل ذلك )[67133] قالوا فوقها سماء أخرى ( وبينها مسيرة خمس مائة عام )[67134] ثم قال مثل ذلك حتى ذكر سبع سماوات ، ثم قال هل تدرون ما فوق ذلك ، قالوا مثل ذلك ، قال فإن فوق ذلك العرش وبين السماء السابعة وبينه مثل ما بين السمائين ، ثم قال هل تدرون ما التي تحتكم[67135] ؟ قالوا الله ورسوله أعلم . قال فإنما الأرض ثم قال مثل ذلك إلى سبع أرضين ، وذكر أن بين كل أرض وأرض مسيرة خمس مائة عام ، ثم قال والذي نفسي بيده لو دلى أحدكم بحبل إلى الأرض السفلى لهبط على الله تعالى ، ثم قرأ { هو الأول والآخر } الآية[67136] .
وقال ابن عباس ظهر فوق الظاهرين[67137] بقهره المتكبرين .
وقيل معنى " الظاهر والباطن " / : يعلم ما ظهر وما بطن ، ومنه ظهر الإنسان وبطنه ، لأن الظهر غير ساتر ، والبطن ساتر ، ومنه الظهير وهو العوين على الأشياء حق ( يستعلي )[67138] عليها ، ويعين[67139] " وظهير " أي : قوي .
ومنه صلاة الظهر لأنها أول ما ظهرت[67140] من الصلوات .
وقيل الظهر[67141] والظهيرة : شدة الحر ، فسميت الصلاة بالظهر لأنها اسم الوقت الذي تكون فيه ، ومنه : ظهرت على فلان : أي[67142] قهرته[67143] .
وقوله : { وهو بكل شيء عليم } أي : لا يخفى عليه شيء ظهر ولا بطن في السماء ولا في الأرض كبر أو[67144] صغر .