الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب

مكي ابن أبي طالب القرن الخامس الهجري
Add Enterpreta Add Translation

صفحة 1

صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ٧

قوله : ( صِرَاطَ الذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) [ 6 ] .

صراط بدل( [410] ) من الأول( [411] ) .

والذين أنعم عليهم هم الأنبياء صلوات الله عليهم والصدِّيقون والصالحون بدلالة قوله : ( فَأُوْلَئِكَ مَعَ الذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيئينَ( [412] ) وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ )( [413] )( [414] ) .

وقيل : هم أصحاب النبي [ عليه السلام ]( [415] ) ، قاله الحسن .

وقيل( [416] ) : هم المؤمنون من بني إسرائيل الذين لم يغيروا ولا بدلوا ، بدليل قوله : ( يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ التِّي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ )( [417] ) . فلذلك قال هنا : ( صِرَاطَ الذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ) .

وقيل : هم المسلمون( [418] ) .

وقال أبو العالية : " هم محمد [ عليه السلام ]( [419] ) وأبو بكر وعمر( [420] ) " .

وقال قتادة( [421] ) : " هم الأنبياء خاصة( [422] ) " .

وقال ابن عباس : " هم أصحاب موسى قبل أن يبدلوا( [423] ) " .

وهذا دعاء أمر الله عز وجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعوا به وألا يكونوا( [424] ) مثل المغضوب/ عليهم –وهم اليهود- ، ولا مثل الضالين –وهم النصارى- ، ولا على صراطهم( [425] ) .

ودخلت " لا " في قوله : ( وَلاَ الضَّالِّينَ ) لئلا يتوهم أن ( الضَّالِّينَ ) عطف على ( الذِينَ ) في قوله : ( صِرَاطَ الذِينَ )( [426] ) . فبدخول " لا " ( [427] ) امتنع أن يتوهم متوهم ذلك إذ لا تقع " لا " إلا بعد نفي أو ما هو في معنى النفي .

وقيل : " لا " زائدة( [428] ) .

وقيل : هي تأكيد بمعنى( [429] ) : " غير( [430] ) " .

ولم يجمع ( الْمَغْضُوبِ ) ، لأنه في معنى الذين غضب عليهم/ فلا ضمير فيه إذ لا يتعدى( [431] ) إلا بحرف جر . فلو قدرت فيه ضميراً ، كنت قد عديته إلى مفعولين أحدهما بحرف جر/ وهذا ليس يحسن فيه . إنما تقول : " غضبت على زيد " و " غضب على زيد " . فالمخفوض يقوم مقام الفاعل . وكذلك ( عَلَيْهِمْ ) ، في موضع رفع يقوم مقام المفعول الذي لم يسم فاعله . والهاء والميم( [432] ) يعودان( [433] ) على الألف واللام .

والغضب من الله البعد من رحمته . والضلال الحيرة .

" و( غَيْرِ المَغْضُوبِ ) " خفض على النعت " للذين " ( [434] ) من قوله ( صِرَاطَ الذِينَ ) ، وحَسَنٌ ذلك لأنه شائع لا يراد به جمع بعينه فصار كالنكرة ، فجاز نعته " بغير " ، و " غير " نكرة وإن أضيفت( [435] ) إلى معرفة . ويجوز أن تخفض " غير " على البدل( [436] ) من [ الذين . وقد قرئ ]( [437] ) بالنصب على الحال أو على الاستثناء ، وقد شرحت هذا في كتاب : " مشكل الإعراب( [438] ) " بأشبع من هذا .

ويقول المأموم إذا سمع ( وَلاَ الضَّالِّينَ ) : آمين . ويقولها( [439] ) وحده . واختلف في قول الإمام إياها عن مالك( [440] ) .

و( آمين ) ، قيل : هو اسم من أسماء الله تعالى( [441] ) .

وقيل : هو دعاء بمعنى : " اللّهم استجب( [442] ) " .

وقال ابن عباس والحسن : " معنى " آمين " : كذلك يكون " . وهي تمد وتقصر( [443] ) لغتان( [444] ) .

والمؤمن داع . فقد قال الله لموسى وهارون : ( قَدُ اجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا )( [445] ) . وموسى كان( [446] ) هو الداعي ، وهارون يؤمن ، والمؤمن إذا قال : " اللهم استجب " فهو داع بالإجابة ، وهو مبني( [447] ) لوقوع موقع الدعاء/ وبني على حركة لالتقاء الساكنين وكان/ الفتح أولى به( [448] ) لأن قبل آخره ياء( [449] ) .

وروى أبو هريرة( [450] ) عن النبي [ عليه السلام ]( [451] ) قال : " إِذَا قَالَ الإمَامُ ( غَيْرِ( [452] ) المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ( [453] ) وَلاَ الضَّالِّينَ ) ، فَقُولُوا : آمِينَ ، فإنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلاَئِكَةِ غُفِرَ لَهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ " ( [454] ) ، أي من وافقه في الإجابة .