زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة

أبو زهرة القرن الرابع عشر الهجري
Add Enterpreta Add Translation

صفحة 305

يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنۡ ءَالِ يَعۡقُوبَۖ وَٱجۡعَلۡهُ رَبِّ رَضِيّٗا ٦

ثم قال تعالى في بيان معنى الولاية :

{ يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيّا 6 } .

الوراثة مترتبة على أنه ولي أو هو معنى ولايته عنه ، ولذا انفصلت عن الجملة السامية السابقة ، لأنها مترتبة عليها أو لأنها بمنزلة السبب ، وهذه بمنزلة المسبب ، وما الموروث ؟ قالوا : إن الوراثة تكون وراثة في الجسم والعقل والغرائز والصفات الفطرية وبعض المكتسبة ، كي تكون الوراثة في المال والعلم والحكمة والسجايا الفطرية ، وقد نفى بعض العلماء الوراثة لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( نحن معشر الأنبياء لا نورث )[1462] ولكن الأكثر على أن الوراثة في المال بالنسبة لزكريا عليه السلام هي ثابتة ، ولعل ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم غالب ما عليه الأنبياء أو خاص بالمرسلين أصحاب الشرائع منهم كموسى وعيسى ونوح وإبراهيم -عليهم السلام- وإلى هذا نميل ، لأنه من المؤكد أنه ورث سليمان داوود بنص القرآن الكريم .

وقوله تعالى : { يرث من آل يعقوب } ، { من } هنا تدل على الابتداء ، أي يرث ميراثا من آل يعقوب .

هذا هو الطلب الأول الذي دعا ربه ضارعا إليه ، أما الطلب الثاني فهو أنه خصه بأن يكون مرضيا ، أي تكون سجاياه وأعماله وأخلاقه مرضية مستقيمة ، ولذا قال تعالى : { وجعله رب رضيا } ، { رضيا } هنا فعيل بمعنى مفعول ، أي اجعله مرضيا عندك ، أي أن أخلاقه وأفعاله وصفاته المكتسبة موضع رضا منك ، ولم يقل : وكن راضيا عنه ، لأنه يطلب ما يطلب في خلق الولي وتكوينه ، أي اجعله في تكوينه محاولا رضاك ، وأن ترضى عنه ، بحيث يتخذ الأسباب لينال رضاك أنت العليم الحكيم فلا يكون شقيا ، ولا يكون عصيا بل يكون رضيا منك ، ولم يقل : وكن راضيا عنه ، لأنه يطلب ما يطلب في خلق الولي وتكوينه ، أي اجعله في تكوينه محاولا رضاك ، وأن ترضى عنه ، بحيث يتخذ الأسباب لينال رضاك أنت العليم الحكيم فلا يكون شقيا ، ولا يكون عصيا بل يكون رضيا برا تقيا .