مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي

النسفي القرن الثامن الهجري
Add Enterpreta Add Translation

page 601

وَيۡلٞ لِّكُلِّ هُمَزَةٖ لُّمَزَةٍ١

مكية ، وهي تسع آيات .

بسم الله الرحمن الرحيم

{ وَيْلٌ } مبتدأ خبره { لّكُلّ هُمَزَةٍ } أي الذي يعيب الناس من خلفهم { لُّمَزَةٍ } أي من يعيبهم مواجهة . وبناء «فعلة » يدل على أن ذلك عادة منه . قيل : نزلت في الأخنس بن شريق ، وكانت عادته الغيبة والوقيعة . وقيل : في أمية بن خلف . وقيل : في الوليد . ويجوز أن يكون السبب خاصاً والوعيد عاماً ليتناول كل من باشر ذلك القبيح .

ٱلَّذِي جَمَعَ مَالٗا وَعَدَّدَهُۥ٢

{ الذى } بدل من كل ، أو نصب على الذم { جَمَعَ مَالاً } { جَمَعَ } شامي وحمزة وعلي مبالغة جمع وهو مطابق لقوله { وَعَدَّدَهُ } أي جعله عدة لحوادث الدهر .

يَحۡسَبُ أَنَّ مَالَهُۥٓ أَخۡلَدَهُۥ٣

{ يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ } أي تركه خالداً في الدنيا لا يموت ، أو هو تعريض بالعمل الصالح ، وأنه هو الذي أخلد صاحبه في النعيم ، فأما المال فما أخلد أحداً فيه .

كَلَّاۖ لَيُنۢبَذَنَّ فِي ٱلۡحُطَمَةِ٤

{ كَلاَّ } ردع له عن حسبانه { لَيُنبَذَنَّ } أي الذي جمع { فِى الحطمة } في النار التي شأنها أن تحطم كل ما يلقى فيها .

وَمَآ أَدۡرَىٰكَ مَا ٱلۡحُطَمَةُ٥

{ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الحطمة } تعجيب وتعظيم .

نَارُ ٱللَّهِ ٱلۡمُوقَدَةُ٦

{ نَارُ الله } خبر مبتدأ محذوف أي هي نار الله { الموقدة } نعتها .

ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلۡأَفۡـِٔدَةِ٧

{ التى تَطَّلِعُ عَلَى الافئدة } يعني أنها تدخل في أجوافهم حتى تصل إلى صدورهم ، وتطلع على أفئدتهم وهي أوساط القلوب ، ولا شيء في بدن الإنسان ألطف من الفؤاد ، ولا أشد تألماً منه بأدنى أذى يمسه ، فكيف إذا اطلعت عليه نار جهنم واستولت عليه ؟ وقيل : خص الأفئدة ؛ لأنها مواطن الكفر والعقائد الفاسدة ، ومعنى اطلاع النار عليها أنها تشتمل عليها .

إِنَّهَا عَلَيۡهِم مُّؤۡصَدَةٞ٨

{ إِنَّهَا عَلَيْهِم } أي النار أو الحطمة { مُّؤْصَدَةُ } مطبقة { فِى عَمَدٍ } { بضمتين } كوفي حفص ، الباقون .

فِي عَمَدٖ مُّمَدَّدَةِۭ٩

{ فِى عَمَدٍ } وهما لغتان في جمع عماد كإهاب وأهب ، وحمار وحمر { مُّمَدَّدَةِ } أي تؤصد عليهم الأبواب ، وتمدد على الأبواب العمد استيثاقاً في استيثاق . في الحديث : " المؤمن كيس فطن وقاف متثبت ، لا يعجل ، عالم ورع ، والمنافق همزة لمزة حطمة كحاطب الليل ، لا يبالي من أين اكتسب ، وفيم أنفق " . والله أعلم .