الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي

الثعالبي القرن التاسع الهجري

صفحة 221

أَلَآ إِنَّهُمۡ يَثۡنُونَ صُدُورَهُمۡ لِيَسۡتَخۡفُواْ مِنۡهُۚ أَلَا حِينَ يَسۡتَغۡشُونَ ثِيَابَهُمۡ يَعۡلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعۡلِنُونَۚ إِنَّهُۥ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ ٥

وقوله سبحانه : { أَلاَ إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ } [ هود : 5 ] .

قيل : إِن هذه الآية نزلَتْ في الكفَّار الذين كانوا إِذا لقيهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم تَطَامَنُوا وَثَنَوْا صُدُورهم ؛ كالمتستِّر ، ورَدُّوا إِليه ظهورَهُم ، وغَشُوا وجوهَهُمْ بثيابهم ، تباعداً منهم ، وكراهيةً للقائه ، وهم يَظُنُّون أنَّ ذلك يخفَى عليه ، أوْ عن اللَّه عزَّ وجلَّ ، وقيل : هي استعارة للْغِلِّ والحِقْدِ الذي كانوا يَنْطَوُونَ عليه ، فمعنى الآية : أَلاَ إِنهم يُسِرُّون العداوةَ ، ويَتَكَتَّمون بها ، لِتَخْفى في ظَنِّهِم عن اللَّه وهو سبحانه حينَ تغشِّيهم بثيابهم ، وبلاغِهِم في التستُّر ، يعلَمُ ما يُسرُّون ، و{ يَسْتَغْشُونَ } معناه يجعلونها أغشيةً وأغطيةً .

قال ( ص ) : قرأ الجمهور : «يَثْنُونَ » بفتح الياء مضارع ثَنَى الشَّيْءَ ثَنْياً طَوَاهُ . انتهى ، وقرأ ابن عبَّاس وجماعة : «تَثْنَوْنِي صُدُورُهُمْ » بالرفْعِ ؛ على وزن «تَفْعَوْعِلُ » ، وهي تحتملُ المعنيين المتقدِّمين ، وحكى الطبريُّ عن ابن عبَّاس على هذه القراءة . أنَّ هذه الآية نزَلَتْ في قومٍ كانوا لا يأتون النساءَ والحَدَثَ إِلاَّ ويستَغْشُونَ ثيابهم ؛ كراهيةَ أنْ يُفْضُوا بفروجهم إِلى السماء .