قوله تعالى : { اهْدِنَا } فيه أربعة أقوال :
أحدها : " ثبتنا " ؛ قاله علي ، وأبيّ . والثاني : " أرشدنا " . والثالث : " وفقنا " . والرابع : " ألهمنا " . رويت هذه الثلاثة عن ابن عباس .
و{ الصّراطِ } الطريق .
ويقال : إن أصله بالسين ، لأنه من الاستراط وهو : الا بتلاع ، فالسراط كأنه يسترط المارّين عليه ، فمن قرأ السين ، كمجاهد ، وابن محيصن ، ويعقوب ، فعلى أصل الكلمة ، ومن قرأ بالصاد ، كأبي عمرو ، والجمهور ، فلأنها أخف على اللسان ، ومن قرأ بالزاي ، كرواية الأصمعي عن أبي عمرو ، واحتج بقول العرب : سقر وزقر . وروي عن حمزة : إشمام السين زايا ، وروي عنه أنه تلفظ بالصراط بين الصاد والزاي .
قال الفراء : اللغة الجيدة بالصاد ، وهي لغة قريش الأولى ، وعامة العرب يجعلونها سينا ، وبعض قيس يشمّون الصاد ، فيقول : الصراط بين الصاد والسين ، وكان حمزة يقرأ { الزراط } بالزاي ، وهي لغة لعذرة وكلب وبني القين . يقولون في أصدق أزدق .
وفي المراد بالصراط هاهنا أربعة أقوال .
أحدها : أنه كتاب الله ، رواه علي عن النبي صلى الله عليه وسلم .
والثاني : أنه دين الإسلام . قاله ابن مسعود ، وابن عباس ، والحسن ، و أبو العالية في آخرين .
والثالث : أنه الطريق الهادي إلى دين الله ، رواه أبو صالح عن ابن عباس ، وبه قال مجاهد .
والرابع : أنه طريق الجنة ، نقل عن ابن عباس أيضا . فإن قيل : ما معنى سؤال المسلمين الهداية وهم مهتدون ؟ ففيه ثلاثة أجوبة :
أحدها : أن المعنى : اهدنا لزوم الصراط ، فحذف اللزوم . قاله ابن الأنباري .
والثاني : أن المعنى : ثبتنا على الهدى ، تقول العرب للقائم : قم حتى آتيك ، أي : اثبت على حالك .
والثالث : أن المعنى : زدنا هدى .