كلام للمؤلف في آيات المقطع له صلة: الآية 1
قوله { خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها } وهما آيتان أوّلهما تشعيب الخلق الفائت للحصر من نفس آدم ، والثانية خلق حوّاء من ضلعه . ومعنى " ثم " ترتيب الأخبار لأن الأولى عادة مستمرة دون الثانية إذ لم يخلق أنثى غير حوّاء من قصيري رجل فكانت أدخل في كونها آية وأجلب لعجب السامع . وقيل : هو متعلق بواحدة في المعنى كأنه قيل : خلقكم من نفس واحدة ثم شفعها الله بزوج منها . وقيل : إنه خلق آدم وأخرج ذريته من ظهره ثم ردهم إلى مكانهم ، ثم خلق بعد ذلك حوّاء . وقيل : " ثم " قد يأتي مع الجملة دالاً على التقدّم كقوله { ثم اهتدى } [ طه : 82 ] { ثم كان من الذين آمنوا } [ البلد : 17 ] وكقوله صلى الله عليه وسلم " فليكفر عن يمينه ثم ليفعل الذي هو خير " السادس قوله { وأنزل لكم من الأنعام ثمانية أزواج } أما الأزواج فهي المذكورة في سورة الأنعام من الضأن اثنين الذكر والأنثى ، ومن المعز اثنين ، ومن الإبل اثنين ، ومن البقر اثنين . وأما وصفها بالإنزال فقيل : أنزلها من الجنة . وقيل : أراد إنزال ما هو سبب في وجودها وهو المطر الذي به قوام النبات الذي به يعيش الحيوان . وقيل : أنزل بمعنى قضى وقسم لأن قضاياه وقسمه مكتوبة في اللوح ومن هناك ينزل . وفي هذه العبارة نوع فخامة وتعظيم لإفادتها معنى الرفعة والاعتلاء ولهذا يقال : رفعت القضية إلى الأمير وإن كان الأمير في سرب . وخصت هذه الأزواج بالذكر لكثرة منافعها من اللبن واللحم والجلد والشعر والوبر والركوب والحمل والحرث وغير ذلك . السابع قوله { يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقاً من بعد خلق } والمقصود ذكر تخليق الحيوان على الإطلاق بعد ذكر تخليق الإنسان والأنعام ، إلا أنه غلب أولي العقل لشرفهم . ويحتمل أن يكون ذكر الإنعام اعتراضاً حسن موقعه ذكر الأزواج بعد قوله { جعل منها زوجها } ليعلم أن كل حيوان ذو زوج وترتيب التخليق مذكور مراراً كقوله { ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين } [ المؤمنون :12 ] إلى قوله { أحسن الخالقين } [ المؤمنون : 14 ] والظلمات الثلاث : البطن والرحم والمشيمة ، أو الصلب والرحم والبطن . { ذلكم } الذي هذه أفعاله { ربكم له الملك } وقد مر إعرابه في " فاطر " . { لا إله إلا هو } إذ لا موصوف بهذه الصفات إلا هو { فأنى تصرفون } أي كيف يعدل بكم عن طريق الحق بعد هذا البيان ؟