ثم قال : { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد } [ 18 ] .
أي : ما يلفظ بكلام من خير أو شر إلا كتب عليه ، قاله عكرمة وغيره [64727] .
قال الحسن وقتادة : يكتب الملكان ما يلفظ به من جميع الأشياء [64728] .
قال سفيان : بلغني أن [64729] كاتب الحسنات أمين على كاتب السيئات فإذا أذنب قال لا تعجل لعله يستغفر [64730] .
وروي [64731] : أن الله جل ذكره جعل لصاحب اليمين على صاحب الشمال سلطانا يطيعه به ، فإذا كان الليل قال : صاحب اليمين لصاحب الشمال ألاقيك ، أطرح أنا حسنة واطرح أنت عشر سيئات ، حتى يصعد صاحب الحسنات لا سيئات [64732] معه .
ويروى أن مجلس الملك على باب [64733] الإنسان وكل به ، وقلم الملك لسان الإنسان ، ومداده [64734] ريق الإنسان ، وهذا تمثيل في القرب ، والله أعلم ( بكيفية ذلك ) [64735] .
ويروى أن رجلا قال لبعيره : حل ، فقال صاحب الحسنات ، ما هي بحسنة فاكتبها وقال صاحب السيئات : ما هي بسيئة فاكتبها ، فأوحى الله عز وجل [64736] إلى صاحب الشمال : ما ترك صاحب اليمين فاكتب .
( وروت أم حبيبة [64737] : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كلام ابن آدم عليه السلام عليه لا له إلا أمر بمعروف أو نهي عن منكر ، أو ذكر الله عز وجل ) [64738] .
وقال [ عمرو بن الحارث [64739] ] [64740] : بلغني أن رجلا إذا عمل سيئة قال كاتب اليمين لصاحب الشمال أكتب فيقول لا بل أنت [64741] فيمتنعان فينادي مناديا صاحب الشمال : اكتب ما ترك صاحب اليمين [64742] .
وقال أبو صالح [64743] : في قول الله جل ذكره : { يمحوا الله ما يشاء ويثبت } [64744] أن الملائكة تكتب [64745] كل ما تكلم به الإنسان فيمحو الله عز وجل [64746] منه ما ليس له [64747] وما ليس عليه ويثبت ما له وما عليه ، وهذا القول موافق لقول الحسن وقتادة أن الملكين يكتبان كل ما [64748] يقول الإنسان [64749] ويعمل من جميع الأشياء .
وقوله : { رقيب عتيد } معناه حافظ حاضر يكتب عليه ويحفظه .
وقيل : عتيد معناه معد [64750] ، وفعيل يأتي بمعنى فاعل نحو قدير بمعنى قادر [64751] وهو كثير ، ويأتي بمعنى مفعول نحو سميع بمعنى مسمع .
وأليم [64752] بمعنى مؤلم ، ويأتي بمعنى مفعول ، نحو قتيل بمعنى مقتول وهو كثير ، ويأتي بمعنى الجمع نحو ما ذكرنا من قعيد وله نظائر [64753] .
( وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن الله عز وجل وكل بعبده ملكين يكتبان عمله ، فإذا مات قال الملكان اللذان وكلا به : ربنا قد مات عبدك فلان بن فلان فتأذن لنا فنصعد إلى السماء فيقول سمائي مملوءة من ملائكتي ، فيقولان ربنا فنقيم في الأرض ، فيقول الله عز وجل أرضي مملوءة من خلقي فيقولان ربنا فأين ، فيقول قوما عند قبر عبدي فسبحاني واحمداني وكبراني وهللالي واكتبا ذلك لعبدي إلى يوم يبعثون [64754] ) [64755] .