الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي

الثعالبي القرن التاسع الهجري

صفحة 222

فَلَعَلَّكَ تَارِكُۢ بَعۡضَ مَا يُوحَىٰٓ إِلَيۡكَ وَضَآئِقُۢ بِهِۦ صَدۡرُكَ أَن يَقُولُواْ لَوۡلَآ أُنزِلَ عَلَيۡهِ كَنزٌ أَوۡ جَآءَ مَعَهُۥ مَلَكٌۚ إِنَّمَآ أَنتَ نَذِيرٞۚ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ وَكِيلٌ ١٢

وقوله سبحانه : { فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يوحى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَن يَقُولُوا لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ كَنزٌ } [ هود : 12 ] .

سَببُ هذه الآية : أَنَّ كفَّار قريش قالوا : يا محمَّد ، لو تركْتَ سبَّ آلهتنا ، وتسفيه آبائنا ، لَجَالَسْناك واتبعناك ، وقالوا له : ائت بِقُرآن غيرِ هذا أو بدِّله ، ونحو هذا من الأقوال ، فخاطب اللَّه تعالَى نبيَّه عليه السلام على هذه الصورة من المخاطَبَة ، ووقَّفَهُ بها توقيفاً رَادًّا علَى أقوالهم ومبطلاً لها ، وليس المعنَى أنَّه عليه السلام هَمَّ بشيء من ذلك ، فَزُجِرَ عنه ، فإِنه لم يُرِدْ قطُّ تَرْكَ شيء مما أوحِيَ إِليه ، ولا ضَاقَ صدْرُهُ به ، وإِنما كان يَضِيقُ صدره بأقوالهم وأفعالهم وبُعْدِهِم عن الإِيمان .

قال ( ص ، وع ) : وعبَّر ب{ ضَائِقٌ } وإِن كان أقلَّ استعمالا من «ضَيِّقٍ » لمناسبة { تَارِكٌ } ؛ ولأن { ضَائِقٌ } وصفٌ عارضٌ ؛ بخلاف «ضيق » ؛ فإِنه يدل على الثبوت ، والصَّالحُ هنا الأولُ بالنسبة إِليه صلى الله عليه وسلم ، والضمير في «به » عائدٌ على البعْضِ ، ويحتمل أن يعود على «ما » و { أَن يَقُولُوا } أي : كراهةَ أنْ يقولوا ، أو لئلاَّ يقولوا ، ثم آنسه تعالَى بقوله : { إِنَّمَا أَنتَ نَذِيرٌ } ، أي : هذا القدْرُ هو الذي فُوِّضَ إِليك ، واللَّه تعالَى بَعْدَ ذلك هو الوكيلُ الممضي لإِيمان من شاء ، وكُفْرِ من شاء .