الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي

الثعالبي القرن التاسع الهجري

صفحة 561

وَمَرۡيَمَ ٱبۡنَتَ عِمۡرَٰنَ ٱلَّتِيٓ أَحۡصَنَتۡ فَرۡجَهَا فَنَفَخۡنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتۡ بِكَلِمَٰتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِۦ وَكَانَتۡ مِنَ ٱلۡقَٰنِتِينَ ١٢

وقوله : { التي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } الجمهورُ أنه فَرْجُ الدِّرْعِ ، وقال قوم : هو الفَرْجُ الجَارِحَةُ وإحْصَانُه صَوْنُه .

وقولُه سبحانه : { فَنَفَخْنَا فِيهِ } عبارةٌ عَنْ فِعل جبريلَ ، ( ت ) : وقد عَكَسَ رحمه اللَّه نَقْلَ ما نَسَبَهُ للجمهورِ في سورةِ الأنبياءِ فقال : المَعْنَى واذْكُرِ الَّتي أحصنتْ فَرْجَها وهو الجارِحَة المعروفةُ ، هذا قولُ الجمهورِ ، انظر بقيةَ الكلامِ هناك .

وقوله سبحانه : { مِن رُّوحِنَا } إضافةُ مخلوقٍ إلى خالقٍ ، ومملوك إلى مالكٍ ، كما تقول بَيْتُ اللَّهِ ، ونَاقَةُ اللَّهِ ، وكذلك الرُّوحُ الجنسُ كلُّه هو روح اللَّه ، وقرأ الجمهور : { وَصَدَّقَتْ بكلمات رَبَّهَا } بالجَمْعِ فَيُقَوِّي أنْ يريدَ التوراةَ ، ويحتملُ أنْ يريدَ أمْرَ عيسَى ، وَقَرَأ الجحدري : ( بِكَلِمِة ) فَيُقَوِّي أنْ يريدَ أمْرَ عيسى ، ويحتملُ أنْ يريدَ التوراةَ ، فتكونُ الكلمةُ اسْمُ جنسٍ ، وقرأ نافع وغيره : «وكِتَابِهِ » وقرأ أبو عمرو وغيره : «وَكُتُبِهِ » بضم التاء وَالجَمْعِ ، وذلك كلَّه مرادٌ بهِ التوراةُ والإنْجِيلُ ، قال الثعلبيُّ : واختار أبو حاتم قراءةَ أبي عمرٍو بالجَمْعِ لعمومِها ، واختار أبو عبيدة قِراءَة الإفْرَادِ ؛ لأن الكتَابَ يُرَادُ به الجنسُ ، انتهى ؛ وهو حَسَنٌ ، { وَكَانَتْ مِنَ القانتين } أي : من القوم القانتينَ ؛ وهم المطيعونَ العابِدونَ ، وقد تقدَّم بيانُه .