الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي

الثعالبي القرن التاسع الهجري

صفحة 560

إِن تَتُوبَآ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدۡ صَغَتۡ قُلُوبُكُمَاۖ وَإِن تَظَٰهَرَا عَلَيۡهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ مَوۡلَىٰهُ وَجِبۡرِيلُ وَصَٰلِحُ ٱلۡمُؤۡمِنِينَۖ وَٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ بَعۡدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ ٤

والمخاطبة بقوله : { إِن تَتُوبَا إِلَى الله } هي لحفصةَ وعائشةَ ، وفي حديثِ البخاريّ ، وغيره عن ابن عباس قال : قلت لعمر : من اللتان تَظَاهَرَتَا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ؟ قال : حفصةُ وعائشةُ .

وقوله : { صَغَتْ قُلُوبُكُمَا } معناه مَالَتْ ، والصُّغْيُ الميلُ ، ومنه أَصْغَى إليه بأُذُنِه ، وأصْغَى الإنَاءَ ، وفي قراءة ابن مسعود : ( فَقَدْ زَاغَتْ قُلُوبُكُما ) والزيغُ : الميلُ وعُرْفُه في خِلاَفِ الحَقّ ، وجَمَعَ القلوبَ مِن حيثُ الاثنانِ جَمْعٌ ، ( ص ) : { قُلُوبُكُمَا } القياسُ فيه : قلباكما مُثَنَّى ، والجمعُ أكْثَرُ استعمالاً وحسْنُه إضافَتُه إلى مثنًى ، وهو ضميرُهما ؛ لأنَّهُمْ كَرِهُوا إجماعَ تَثْنِيَتَيْنِ ، انتهى . ومعنى الآيةِ إن تُبْتُما فَقَدْ كَانَ مِنكُمَا مَا يَنْبَغِي أنْ يُتَابَ منه ، وهذا الجوابُ الذي للشَّرْطِ هُو متقدمٌ في المعنى ، وإنما تَرتَّبَ جَوَاباً في اللفظِ ، { وَإِن تَظَاهَرَا } معناه : تَتَعَاوَنَا وأصل : { تَظَاهَرَا } تَتَظَاهَرَا ، و{ مَوْلاهُ } أي : ناصرُه ، { وَجِبْرِيلُ } ومَا بعدَه يحتملُ أنْ يكونَ عَطْفاً على اسمِ اللَّهِ ، ويحتملُ أنْ يكونَ جبريلُ رَفْعاً بالابتداءِ وَمَا بَعْدَهُ عَطْفٌ عَلَيْهِ و{ ظَهِيرٌ } هُو الخَبَرُ .