نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي

البقاعي القرن التاسع الهجري

صفحة 1

ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢

ولما كانت البسملة نوعا[88] من الحمد ناسب كل المناسبة تعقيبها باسم الحمد الكلي الجامع لجميع أفراده ، فكأنه قيل : احمدوه لأنه المستحق[89] لجميع المحامد ، وخصوا هذا النوع من الحمد في افتتاح أموركم لما ذكر من استشعار الرغبة إليه والرهبة منه المؤدى إلى لزوم طريق الهدى ، والله الموفق .

ولما أثبت بقوله : { الحمد لله } أنه المستحق لجميع المحامد لا لشيء غير ذاته الحائز لجميع الكمالات أشار إلى أنه يستحقه أيضاً من حيث كونه رباً مالكاً منعماً فقال : { رب } وأشار بقوله : { العالمين } إلى ابتداء الخلق تنبيهاً على الاستدلالات[90] بالمصنوع على الصانع وبالبداءة على الإعادة كما ابتدأ التوراة بذلك لذلك-[91] قال الحرالي[92] : و { الحمد }[93] المدح الكامل الذي يحيط بجميع الأفعال والأوصاف ، على أن جميعها إنما هو من الله سبحانه[94] وتعالى[95] وأنه كله مدح لا يتطرق إليه ذم ، فإذا اضمحل ازدواج المدح بالذم وعلم سريان المدح في الكل استحق عند ذلك ظهور اسم الحمد مكملاً معرفاً بكلمة " أل " [96] وهي[97] كلمة دالة فيما اتصلت به على انتهائه وكماله . انتهى .