{ اهدنا الصراط المستقيم } تلقيناً لأهل لطفه وتنبيهاً على محل السلوك الذي لا وصول بدونه ، والهدى قال الحرالي : مرجع الضال إلى ما ضل عنه ، والصراط الطريق الخطر[247] السلوك[248] ، والآية من كلام الله تعالى على لسان العُلّية[249] من خلقه ، وجاء مكملاً بكلمة " أل " [250] لأنه الصراط الذي لا يضل بمهتديه[251] لإحاطته ولشمول سريانه[252] وفقاً لشمول معنى الحمد في الوجود كله وهو الذي تشتت الآراء وتفرقت الفرق بالميل إلى واحد من جانبيه وهو الذي ينصب مثاله . وعلى حذو[253] معناه بين ظهراني[254] جهنم يوم الجزاء للعيان وتحفه[255] مثل تلك الآراء خطاطيف وكلاليب ، تجري أحوال الناس معها[256] في المعاد على حسب مجراهم مع حقائقها التي[257] ابتداء[258] في يوم العمل ، وهذا الصراط الأكمل وهو المحيط المترتب على الضلال الذي يعبر به عن حال من لا وجهة له ، وهو ضلال ممدوح لأنه يكون عن سلامة الفطرة لأن من لا علم له بوجهة فحقه[259] الوقوف عن كل وجهة وهو ضلال يستلزم هدى محيطاً[260] منه
( ووجدك ضالاً فهدى }[ الضحى : 6 ] وأما من هدى وجهة ما فضلّ عن[261] مرجعها فهو ضلال مذموم لأنه ضلال بعد هدى وهو يكون عن اعوجاج في الجبلة . انتهى