التفسير المظهري لثناء الله الهندي

المظهري القرن الثالث عشر الهجري

صفحة 1

ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢

{ الحمد } هو الثناء باللسان على الجميل الاختياري نعمة كان أو غيرها فهو أعم من الشكر في المتعلق فإن الشكر يخص النعمة ، وأخص منه في المورد فإن الشكر من اللسان والقلب والجوارح ولذا قال عليه السلام : «الحمد رأس الشكر ، ما شكر الله عبد لا يحمده » [ أخرجه عبد الرزاق في الجامع والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمرو ، وقال عنه السيوطي حسن . انظر الجامع الصغير ( 3835 ) ] رواه عبد الرزاق عن قتادة عن عبد الله بن عمرو ، والمدح أعم من الحمد مطلقا لأنه على مطلق الجميل ، والتعريف للجنس إشارة إلى ما يعرفه كل أحد ، أو للاستغراق إذ الحمد كله له تعالى وهو خالق أفعال العباد { وما بكم من نعمة فمن الله } [ النحل : 53 ] وفيه دليل على أنه تعالى حي قادر مريد عالم حتى يستحق الحمد . { للهِ } اللام للاختصاص يقال الدار لزيد ، والجملة الخبرية الاسمية دالة على استمرار الاستحقاق قصد بها الثناء بمضمونها ، وفيه تعليم وتقديره قولوا الحمد لله حتى يناسب قوله : { إياك نعبد } . { رب العالمين } الربّ بمعنى المالك ، يقال : رب الدار لمالكه ، ويكون بمعنى التربية وهو التبليغ إلى الكمال تدريجا وصف به كالصوم والعدل ولا يقال على غيره تعالى إلا مقيد كرب الدار وفيه دليل على أن العالم محتاج في البقاء أيضا ، والعالمين : جمع عالم لا واحد له في الاستعمال من لفظه ، والعالم اسم لما يعلم به الصانع كالخاتم وهو الممكنات بأسرها { قال فرعون وما ربّ العالمين } قال يعني موسى { ربّ السموات والأرض وما بينهما } [ الشعراء : 23-24 ] وجُمع بملاحظة أجناس تحته وغلّب العقلاء ، وقال وهب : لله ثمانية عشر ألف عالم الدنيا عالم منها وما العمران في الخراب إلا كفسفاط في صحراء ، وقال كعب الأحبار : لا يحصى عدد العالمين { وما يعلم جنود ربّك إلا هو } [ المدثر : 31 ] وقيل : العالم اسم لذوي العلم من الملائكة والثقلين وتناول غيرهم استتباعاً .