التفسير المظهري لثناء الله الهندي

المظهري القرن الثالث عشر الهجري

صفحة 1

صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ٧

{ صراط الذين أنعمت عليهم } بدل من الأول بدل الكل ، وفائدته التوكيد والتنصيص على أن طريقهم هو المشهود عليه بالاستقامة ، والمراد بالذين أنعمت عليهم كل من ثبَّته الله تعالى على الإيمان والطاعة من النّبيّين والصديقين والشهداء والصالحين . قرأ حمزة عليهم – إليهم – لديهم – حيث وقع بضم الهاء وصلا ووقفا والباقون بكسرها ، وضم ابن كثير كل ميم جمع مشبعا في الوصل إذا لم يلقها ساكن ، وقالون يقول بالتخيير في الإشباع وعدمه لقيها ساكن أو لا وورش يشبع عند ألف القطع فقط ، وإذا تلقته ألف الوصل وقبل الهاء كسر أو ياء ساكنة نحو : { بهم الأسباب } { وعليهم القتال } ضم الهاء والميم حمزة والكسائي وكسرهما أبو عمرو ، وكذلك يعقوب إذا انكسر ما قبله ، والآخرون ضموا الميم على الأصل وكسروا الهاء لأجل الياء والكسرة ، وفي الوقف يكسر الهاء عند الكل لكسرة ما قبلها أو الياء إلا ما ذكرنا خلاف حمزة في الكلمات الثلاث .

{ غير المغضوب عليهم ولا الضالين } بدل من { الذين أنعمت عليهم } أي المنعم عليهم هم السالمون من الغضب والضلال ، أو صفة له مبينة أو مقيدة إن أجري الموصول مجرى النكرة إذا لم يُقصد به معهود ، كما في قول الشاعر ولقد أمَرُّ على اللئيم يسبُّني ، أو جعل غير معرفة لإضافته إلى ماله ضد واحد فيتعين ، يقال عليكم بالحركة غير السكون ، وعليهم في محل الرفع نائب مناب الفاعل ، ولا مزيدة لتأكيد ما في غير من معنى النفي كأنه قال لا المغضوب عليهم ، والغضب : ثوران النفس لإرادة الانتقام وإذا أسند إلى الله أريد به المنتهى ، والضلالة : ضد الهداية وهو العدول عن الطريق الموصل وله عرض عريض . أخرج أحمد في مسنده ، والترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه وغيرهم عن عدي بن حاتم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن المغضوب عليهم اليهود وإن الضالين النصارى » [ أخرجه الترمذي في كتاب : تفسير القرآن ، باب : ومن سورة الفاتحة : ( 2954 ) ] وأخرج ابن مردويه عن أبي ذر نحوه ، وأخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم التفسير بذلك عن ابن عباس ، وابن مسعود ، والربيع ابن أنس ، وزيد بن أسلم ، قال ابن أبي حاتم : لا أعلم في ذلك خلافا بين المفسرين ، واللفظ عام يعم الكفار والعصاة والمبتدعة ، قال الله تعالى في القاتل عمدا { وغضب الله عليه } [ النساء ، 93 ] قال : { فماذا بعد الحق إلا الضلال } [ يونس : 32 ] وقال : { الذين ضلّ سعيهم في الحياة الدنيا }[ الكهف : 104 ] .

والسنة عند ختم الفاتحة أن يقول آمين مفصولا – وآمين مخفف غير مشدد جاء ممدوداً ومقصوراً قال البغوي : قال ابن عباس : معناه اسمع واستجب ، وأخرج الثعلبي عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقال : افعل ، روى ابن أبي شيبة في مصنفه والبيهقي في الدلائل عن أبي ميسرة أن جبرئيل عليه السلام أقرأ النبي صلى الله عليه وسلم الفاتحة فلما قال { ولا الضالين } قال له : قل آمين » وروى أبو داود في سننه عن أبي زهير أحد الصحابة قال : «آمين مثل الطابع على الصحيفة » خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فأتينا على رجل قد ألح في المسألة فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «أوجب أن ختم » فقال رجل من القوم : بأي شيء يختم ؟ فقال : «آمين » [ أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة ، باب : التأمين وراء الإمام ( 937 ) ] وأخرج أبو داود والترمذي والدارقطني وصححه ابن حبان كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرأ : { ولا الضالين } قال آمين [ أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة ، باب : التأمين وراء الإمام ( 931 ) وأخرجه ابن ماجة في كتاب : الصلاة ، باب : الجهر بآمين ( 854 ) ] ، وفي الصحيحين عن أبي هرية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «إذا قال الإمام { ولا الضالين } فقولوا آمين فإن الملائكة تقول آمين ، وإن الإمام يقول : آمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه » [ أخرجه البخاري في كتاب : الأذان ، باب : جهر الإمام بالتأمين ( 781 ) – وأخرجه مسلم في كتاب : الصلاة ، باب : التسميع والتحميد والتأمين ( 410 ) ] .

فصل في فضائل الفاتحة

عن أبي هريرة قال قال : رسول الله صلى الله عليه سلم : «والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القرآن مثلها وإنها لهي السبع المثاني التي آتاني الله عز وجل » [ أخرجه الترمذي في كتاب : تفسير القرآن ، باب : ومن سورة الحجر ( 3234 ) ] رواه الترمذي وقال : حسن صحيح ، والحاكم وقال : صحيح على شرط مسلم ، وعن ابن عباس قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبرائيل إذ سمع نقيضا من فوقه فرفع جبرئيل عليه السلام بصره إلى السماء فقال : أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لن تقرأ حرفا منها إلا أعطيته » [ أخرجه مسلم في كتاب : صلاة المسافرين وقصرها ، باب : فضل الفاتحة وخواتيم سورة البقرة والحث على قراءة الآيتين من آخر البقرة ( 806 ) ] رواه مسلم ، وعن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «قال الله تعالى : قسّمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يقول العبد { الحمد لله رب العالمين } يقول الله : حمدني عبدي يقول العبد { الرحمن الرحيم } . يقول الله أثنى علي عبدي ، يقول العبد { مالك يوم الدين } . يقول الله تعالى : مجدني عبدي ، يقول العبد { إياك نعبد وإياك نستعين } . يقول الله هذه الآية بين وبين عبدي ولعبدي ما سأل ، يقول العبد { اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } يقول : فهؤلاء لعبدي ولعبدي ما سأل » [ أخرجه مسلم في كتاب : الصلاة ، باب : وجوه القراءة في كل ركعة ( 395 ) ] . رواه مسلم . وعن عبد الملك بن عمير مرسلا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فاتحة الكتاب شفاء من كل داء » [ أخرجه الدارمي في كتاب : فضائل القرآن ، باب : فضل فاتحة الكتاب : ( 3371 ) ] رواه الدارمي في مسنده والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح ، وعن عبد الله بن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ألا أخبرك بأخبر سورة نزلت في القرآن ؟ قلت بلى يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «فاتحة الكتاب » وأحسبه قال : «فيها شفاء من كل داء » ، وعنه : «فاتحة الكتاب شفاء من كل شيء إلا السام » والسام الموت ، رواه الخلعي في فوائده . وعن أبي سعيد بن المعلى «أعظم سورة في القرآن { الحمد لله رب العالمين } رواه البخاري والبيهقي والحاكم من حديث أنس «أفضل القرآن { الحمد لله رب العالمين } وروى البخاري في مسنده من حديث ابن عباس «فاتحة الكتاب تعدل ثلثي القرآن » . وعن أبي سليمان قال : مر بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في بعض غزواتهم على رجل قد صرع فقرأ بعضهم في أذنه بأم القرآن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هي أم القرآن وهي شفاء من كل داء » رواه الثعلبي من طريق معاوية بن صالح عنه ، وعن أبي سعيد الخدري مرفوعا «فاتحة الكتاب شفاء من السم » رواه سعيد بن منصور والبيهقي في الشعب ، وعنه قال : كنا في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت إن سيد الحي سليم فهل معكم راق ؟ فقام معها رجل فرقاه بأم الكتاب فبرئ فذكر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : «وما كان يدريه أنها رقية » [ أخرجه البخاري في كتاب : الطب ، باب : الرقى بفاتحة الكتاب : ( 5404 ) وأخرجه مسلم في كتاب السلام ، باب : جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار ( 2201 ) ] رواه البخاري ، ورواه أبو الشيخ وابن حبان في الثواب عنه وعن أبي هريرة معا ، وعن السائب بن يزيد قال : عوّدني رسول الله صلى الله عليه وسلم بفاتحة الكتاب فيّ تفلا رواه الطبراني في الأوسط ، وعن أنس «إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد فقد أمنت كل شيء إلا الموت » رواه البزار .